في اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة: أنا أقوى من جلادي

في اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة: أنا أقوى من جلادي

كريمة رشكو

يصادف تاريخ  3 ديسمبر ،اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو يوم خصصته الأمم المتحدة منذ عام ١٩٩٢ لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة في كل الدول، هادفاً بذلك لنشر الوعي وفهم قضايا الاعاقة والعمل من أجل ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة .و يهدف هذا اليوم الى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.
ولأنني سورية وعملت ضمن الفريق النفسي لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة في سورية، وأخص بكلامي في محافظة الحسكة، ولأن لهم حقوق، سأكتب لكم هنا بعضاً مما يعانيه ذوي الاحتياجات الخاصة.
في الحقيقة لم تتلق هذه الفئة أي اهتمام  من الدولة ولا من المجتمع الذي يمكن أن نصفه بالمجتمع الأناني، فالشخص الذي يعاني من نقص في جسده ، عليه أن يتقبل الكلمات التي تُستخدم من قبل هذا المجتمع ، حيث يتحول إسمه تلقائياً إلى المعاق، دون أدنى إحترام لكونه إنسان يحمل إسماً كما باقي البشر من حوله
فإن كان الشخص ناشطاً ، أو شاعراً ، أو طبيباً ….الخ ، في مجتمعنا لن يحمل هذه الصفات ، بل على العكس ، سيكون معترفاً به / الدكتور المعاق ،الناشط المعاق … هذه الصفات تؤلم الشخص الذي يعاني من نقص في جسده .
ناهيك عن نظرة المجتمع الدونية ، هذه الفئة تعاني من نظرة المجتمع لهم التي عادة متناقضة حيث تتوزع بين الشفقة ،التحنن من جهة . ومن جهة أخرة التهميش والخجل منهم والازدراء  ولا سيما من الأهل والتي تصل أحياناً إلى حد عدم الاعتراف بوجوده داخل الاسرة ، حيث يتم إخفاؤه عن أنظار المجتمع وكأنه عار .
هناك من يعتبر أن الاعتبارات الاجتماعية في سورية ،تفرض هذه النظرة والمعاملة على الاسر السورية . ولكن حقيقةً ، إن حاولنا البحث عن حثيثيات الحقيقة ، فإن النظام هو السبب في هذه النظرة الدونية والتي تقتل الشخص نفسياً وجسدياً. فالنظام هو من نشر هذه النظرة من خلال التهميش لهذه الفئة وعدم الاهتمام بهم ، حيث لم تتواجد  قبل الثورة في سورية مراكز طبية للإعتناء بهم ، ولا مراكز خاصة بهم لنشر الوعي بين الاهل في كيفية التعامل معهم والتعامل معهم على أساس العمل والعقل وليس على نظرة الدونية والتي تعتبر نقصاً في الجسد هو إعاقة عقلية وفكرية . وبذلك ، تُستبعد هذه الفئة من المجتمع وتتقوقع في المنزل وتتحول الى فئة مستهلكة ،بيد أنهم يتمتعون بذكاء ومواهب تمكنهم من ان يكونوا فئة منتجة ، فئة تنخرض في المجتمع كغيرهم . ان عدم قيام النظام بإنشاء مؤسسات ومراكز توعوية ، يهدف بذلك ابقاء الشعب جاهلاً عن حقوقه ومتخلفاً في تصرفاته ونشر ثقافة الشكل والمنظر وابعادهم عن ثقافة العقل .

فثقافة العقل لاتعتمد على الموجود فحسب ، بل تحاول دائماً البحث عن الحقيقة ، والمقارنة بين المجتمعات والبحث عن افضل السبل للوصول الى مجتمع يصون و يضمن حقوق الانسان .بذلك ، حاول النظام كل الوسائل حجب  هذه الثقافة حفاظاً على وجوده وهيمنته وليضمن تحكمه الأكيد بنا .
و اليوم …بعد مرور أربعة أعوام على إنطلاقة الثورة السورية فإن نسبة الاعاقة في تزايد مستمر في سورية ،بسبب استخدام النظام للاسلحة الكيماوية وقيامه بأبشع جرائم بحق الشعب .ولا سيما القصف اليومي على المدنيين بالبراميل والطائرات ، ممايؤدي علاوة على حالات الاستشهاد ، يكون هناك أعداد هائلة من الذين يفقدون أعضاء من أجسادهم، فهناك مئات الآلاف من يعاني من قطع أطرافهم العليا أو السفلية وعشرات الآلاف من الذين فقدوا بصرهم نتيجة قذائف النظام عليهم .
وفي السجن .. يمارس أبشع أساليب التعذيب مع المعتقلين ، سواء أكانوا أطفالاً أو كباراً ، حيث حدثنا (م.س) معتقل سابق ، عن تعذيب النظام له ، قام النظام بثقب مفاصل يديه ورجله اليمين ، وبتر عضوه الذكري .
يعتبر علماء النفس ان الاعاقة الجسدية الخلقية لها آثار نفسية أخف من الإعاقة التي تحصل نتيجة تعذيب أو قصف. فهذه الحالة تخلق لنا فئة تعاني من الاحباط الدائم وعدم الثقة بالنفس ، بالرغم ان الكثيرين منهم هم من الفئة المتعلمة والواعية ،وقد تتحول شخصيته الى شخصية منطوية أو عدوانية ،إضافة الى خلق شعور عدم الانتماء الى المجتمع الذي كان يعيشه . ويخلق شعورا بالعجز و بالتالي شعوراً بالضعف والاستسلام . 
كذلك الأمر ، لاننسى أن معظم الشعب السوري في حالة قلق ويغلب عليهم الشعور بالخوف الدائم ، مماقد يؤدي الى إنجاب أطفال مشوهين ، نتيجة عدم إستقرار النفسي للأبوين.
إذاً ، نحن أمام حالة خطرة وتحد مستقبلي كبير ، كل هذا بسبب ممارسات النظام الوحشية وغياب معرفة المستقبل. فالنظام لايزال مستمراً في ممارساته والضحايا في تزايد مستمر. لذلك لابد من محاكمة الأسد للجرائم التي ارتكبها، ليست فقط تلك التي ارتكبها منذ ٢٠١١ بحق الشعب السوري ،بل ومنذ إستلامهم للحكم في سورية .
لذوي الاحتياجات الخاصة … مارسوا حياتكم ، إعملوا لتغيروا هذه النظرة .
الاعاقة هي اعاقة العقل وليست اعاقة عضو في الجسد .
سنعيش

خاص “شبكة المرأة السورية”

مشاركة

One Response

  1. سيحل اليوم الذي ينتصف به الضحايا ويعاقب الجلادون على افعالهم ونبني سوريا الحرية والمساواة لجميع ابنائها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »