المرأة بحاجة لتغيير الذهنية قبل تغيير القوانين

المرأة بحاجة لتغيير الذهنية قبل تغيير القوانين

ترجمة وإعداد: هالة الحسن

تواصل المجتمعات العربية المسلمة معاملة النساء كمواطنات من الدرجة الثانية، كحماة “شرف” العائلة، كمصادر محتملة للخزي، بدلاً من أفراد لديهم حقوق. فعلى الرغم من أن القوانين تتغير تدريجياً لصالح المساواة، إلا أن وضع المرأة الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لم يتحسن بالكاد في معظم الدول العربية.

قبل 15 سنة تقريباً، أصبحت حاملاً، وبدلاً من أن أتعامل مع الأمر بهدوء، قررت الاحتفاظ بالطفل وتحدي الأعراف الاجتماعية لبلدي الأصلي “مصر”. فإنجاب طفل من زواج عرفي غير رسمي، في بلد مثل مصر، كان يعني فضيحة لعائلتي ولي، فحين لا يوجد عقد رسمي، غالباً ما يتم إبقاء الأمر سراً.

بموجب القانون المصري، دون عقد زواج رسمي، يمكن للرجل فقط تسجيل ولادة الطفل. ونتيجة لذلك، فإن عشرات الآلاف من الأطفال غير موجودون قانونيًا؛ لا يمكن إصدار شهادات ميلاد أو جوازات سفر أو تلقي اللقاحات أو التسجيل في المدرسة أو حتى الزواج.

في مصر، الحل ثلاثي الخطوات لأي فتاة غير متزوجة من الطبقة العليا في وضعي هو: الإجهاض، عملية إصلاح غشاء البكارة، ثم الزواج من الخاطب الأول. لكن النساء الفقيرات غير القادرات على الوصول إلى هذه الخيارات يمكن أن يواجهن الموت – يقتلهن أحد أفراد الأسرة من الذكور لإنهاء “العار” وتنظيف “شرف” العائلة. بالنسبة لي، لم يكن لعب دور العروس البكر من ضمن خياراتي. بدلاً من ذلك، فعلت ما لا يمكن تصوره واخترت الحفاظ على طفلتي.

رفض والد طفلتي الاعتراف بأبوته، لذا اخترت أن أعرض قضيتي على الملأ، وفي الوقت الذي دعمت فيه مجموعة صغيرة من النسويات والنخب المثقفة قضيتي بقوة، فإن الغالبية العظمى في مصر كانت ضدها.

بعد أن خسر شريكي الطعن في القضية، حكم القاضي لصالحي، مما أجبر الأب على الاعتراف بكل من علاقته بي وبأبوة لينا، التي كان عمرها 19 شهراً. وفي الواقع، فإن حالتي وجهودنا اللاحقة لتغيير القوانين قد ألهمت الآلاف من الأمهات المصريات للقتال من أجل حقوق أطفالهن، ودفعت المحكمة المصرية إلى تضمين اختبارات الحمض النووي لتحقيقات الأبوة.

كنت آمل أن يؤدي هذا إلى تحول حقيقي في مجتمع دائم الكراهية. في الواقع، لم يتغير شيء يذكر. لا تزال صحف الإثارة المصرية، والبرامج الحوارية والصحف وعامة الناس تبدي تحيزاً واضحاً ضد الأمهات العازبات أمثالي، فهم ينظرون إلينا على أننا “أشرار”، وأطفالنا “غير شرعيين”. في نهاية المطاف، ثبت أن تغيير القوانين أسهل من تغيير المجتمعات.

على مدى عقد من الزمان، وخلال إنجازي للدراسات العليا والأبحاث والنشاط المستمر، تحدثت إلى مئات النساء، واستمعت إلى صراعاتهن اليومية، وأدركت أنه على الرغم من أن القوانين تتغير تدريجياً لصالح المساواة، فإن أوضاع المرأة الاجتماعية والاقتصادية تحسنت، لكن الحالة السياسية بالكاد تغيرت في معظم الدول العربية.

في المملكة العربية السعودية، لم يُسمح للنساء بالتصويت إلا في عام 2015، إلا أنه لم يتم تسجيل سوى حوالي (130،000) صوت امرأة مقابل (1،35) مليون رجل. في هذا العام، سُمح للسعوديات بالقيادة للمرة الأولى، لكنني سأفاجأ إن أصبح هذا الأمر شائعاً قريباً. إن تغيير القانون جيد وجيد، ولكن عندما يكون اضطهاد المرأة متأصلًا في الثقافة، فإنه لا يحدث فرقًا حقيقيًا كبيرًا.

في المملكة العربية السعودية ومعظم الدول العربية المسلمة تعتبر المرأة العزباء في الثلاثينات من عمرها عانساً، ولا يزال التحرش الجنسي بالمرأة يعتبر خطأها، والجنس قبل الزواج مسموح للرجال، ولكن كرامة العائلة تضيع عند انخراط الفتاة في أي نشاط جنسي. يجب على الفتاة طهي الطعام والتنظيف والغسل لأشقائها أثناء مشاهدتهم مباراة كرة قدم. يحق للرجل أن يطلق المرأة بعبارة واحدة، “أنت طالق”، بينما ليس للنساء مثل هذا الحق… والقائمة تطول.

لقد كان الإسلام والنسوية في صدام مستمر منذ بداية القرن، ولم يعد بوسعنا تجاهل هذه الحقيقة. في مكان ما بين المواقف العلمانية الليبرالية، أمثال موقفي، ومحاولات الأصوليين لإسكاتنا، غالباً ما تكون أصوات النساء المسلمات أنفسهن غير مسموعة.

وتوجد الكثير من هذه العقلية الجنسية عبر الأديان المختلفة بسبب الثقافة والتقاليد، لكن المواجهة المتزايدة مع جوهر الإسلام حول تطبيق الشريعة الإسلامية يزيد من صعوبة مطالبة النساء المسلمات بالإصلاح.

مع هذا التصور السلبي لحقوق المرأة، لا يمكن إحراز أي تقدم. دعوات المطالبة بحقوق أكبر للمرأة لن تحقق أي شيء بمفردها. ما هو ضروري هو تغيير الموقف. تغيير جذري في التفكير العام.

المرأة بحاجة إلى التحدث. فقط عندما نفهم الحاجة إلى التحدث، نناضل من أجل حقوقنا، ونتوقف عن قبول الوضع الراهن، عندها سنرى تغيرًا حقيقيًا.

في غضون ذلك، ما دمنا نقبل ونسمح بالتقليدية والأصولية أن تملي علينا مصائرنا، فإن الوضع سيزداد سوءًا بالنسبة للنساء من أمثالي، بغض النظر عن القوانين.

  • هند الحناوي: هند الحناوي (1982 -)، مهندسة ديكور مصرية. وهي الزوجة السابقة للممثل المصري أحمد الفيشاوي أم ابنته لينا، نشبت بينهما معركة قضائية على اثر رفض الفيشاوي نسب ابنته اليه، حيث كان زواج هند الحناوي من الفيشاوي زواجاً عرفياً.
  • تقول هند: “منذ أكثر من عقد من الزمان، صنعت تاريخًا قانونيًا في مصر، لكن في سبيل النضال من أجل حقوق المرأة، نحتاج إلى تغيير الثقافة، وليس فقط القوانين”.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »