ماذا قدمت القمم التاريخية للأمم المتحدة لحماية المرأة اللاجئة؟

ماذا قدمت القمم التاريخية للأمم المتحدة لحماية المرأة اللاجئة؟

ترجمة وإعداد: نهاد حسين

عُقد مؤخراً منتدى للعلماء والمسؤولين الحكوميين وقادة المجتمع المدني، وممارسي السياسة الخارجية، وذلك لتقديم تحليل يخص التطورات الجديدة المتعلقة بالنهوض بالنساء والفتيات في جميع أنحاء العالم. وخلال هذا المنتدى، طرحت إحدى الصحفيات خمسة أسئلة على “سارة كوستا” المديرة التنفيذية لمفوضية اللاجئين النسائية (WRC)، أضاءت كوستا خلال هذه المقابلة على وضع النساء والفتيات في الصراع السوري وأزمة الهجرة الأوروبية، فضلاً عن نتائج اثنتين من القمم التاريخية المتعلقة باللاجئين والمهاجرين في الجمعية العامة للأمم المتحدة عقدتا الشهر الماضي.

١ – بلغ عدد النازحين من منازلهم بسبب الصراع والاضطهاد حول العالم في عام 2015 رقماً قياسياً، إذ وصل إلى (63,5) مليون شخص، ما هي التحديات التي تواجهها النساء والفتيات المشردات في جميع أنحاء العالم؟

تشكل النساء حوالي نصف النازحين بسبب الأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم. هذه الأزمات تؤدي إلى مخاطر جمة للنساء والفتيات تتمثل في الاغتصاب والاعتداء والعنف الموجه من الزوج أو أحد أفراد العائلة، زيادة في الزواج المبكر، وجميع أشكال الاستغلال. وبالإضافة إلى التشريد، هناك انهيار للنظم الأسرية وقيم المجتمع التقليدية، مما يؤدي إلى مزيد من العنف، وانهيار للقانون والنظام، مما يؤدي إلى إفلات الجناة من العقاب. وكثيراً ما تسافر المرأة وحدها، الأمر الذي يجعلها عرضة بشكل خاص للإتجار وللاستغلال من جانب المهربين. لقد رأينا هذا في الأزمة السورية، حيث النساء والفتيات يتحركن عبر أوروبا.

تعيش النساء والفتيات في المجتمع عادة حالة عدم مساواة بين الجنسين، وينتقل ذلك خلال عملية نزوح المهاجرين واللاجئين، حيث تتفاقم تلك التحديات. ويمكن أن تؤدي عوامل مثل العمر والعرق، والميل الجنسي إلى تفاقم المخاطر التي تتعرض لها النساء والفتيات. على سبيل المثال، الفتيات المراهقات غالباً ما تكن منعزلات في منازلهن أو مجبرات على الزواج المبكر. ولم يفعل المجتمع الإنساني ما يكفي لتحديد وضعهن ومحاولة فهم احتياجاتهن الخاصة، وهذا ما تحاول “مفوضية اللاجئين النسائية” الاهتمام به وتعمل على معالجته.

ويتفاقم الوضع بالنسبة للنساء والفتيات المشردات بسبب عدم وجود موارد لتلبية الاحتياجات الإنسانية بشكل عام، بالإضافة إلى وجود ثغرات كبيرة في تلبية احتياجات النساء والفتيات والاستجابة لحالات الطوارئ من بداية الأزمات.

٢ – يتم التركيز هذه الأيام على أزمة الهجرة الأوروبية، كيف يمكن للاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا الحالية أن تؤثر بشكل نوعي على النساء والفتيات المشردات؟ وكيف يمكن تخفيف المخاطر التي يتعرضن لها؟

الكثير من اللاجئين الذين وصلوا إلى اليونان هذا العام هم من النساء والأطفال، الذين يسعون لجمع شملهم مع أفراد الأسرة في البلدان الأوروبية. وكان للاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تداعيات عميقة ومؤلمة لهؤلاء النساء والأطفال، بما في ذلك النزوح لفترات طويلة، التفكك الأسري، والعقبات في طريق الحصول على الحماية القانونية.

بعد الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، علق اللاجئون الذين وصلوا مؤخراً إلى اليونان، ويعيشون حالياً في ظروف يرثى لها. عندما سافرنا مؤخراً إلى اليونان لتقييم الوضع، عبرت النساء والفتيات عن شعورهن بعدم الأمان وعجزهن عن الحصول على الحماية والخدمات الأساسية. فالنساء الحوامل لا يحصلن على الرعاية الطبية، وهناك أسر ليس لديها حفاضات أو حليب للأطفال الرضع. وكثيراً ما تضطر النساء لمشاركة الأماكن مع الغرباء، مما يعرضهن للاغتصاب في الليل، وقد سمعنا الكثير من القصص بهذا الخصوص. لذلك عانت الكثير من تلك النساء من العنف الجنسي وسوء المعاملة وهن في طريقهن إلى أوروبا. وحتى بعد وصولها إلى ما ينبغي أن يكون مكاناً آمناً نسبياً، فإنها تظل مهددة.

توصيتنا الرئيسية هي أن يبذل الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية المزيد من الجهد لحماية النساء والأطفال اللاجئين العالقين في اليونان، وتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها للحصول على اللجوء. يجب أن تعمل الحكومة اليونانية عن كثب مع الشركاء في المجال الإنساني لضمان حصول النساء والفتيات اللاجئات على فصل آمن للأماكن بين الجنسين، وخدمات الصحة الإنجابية الحرجة، وألا يتم اعتقالهن. وعلينا أيضاً إيلاء اهتمام كبير لما يحدث مع النساء والفتيات العائدات إلى تركيا للمساعدة في التأكد من حصولهن على الحماية الكافية أو اللجوء هناك.

٣ – تتجه الأنظار هذه الأيام إلى الأحداث الأخيرة في نيويورك، ما هي نتائج قمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمهاجرين وقمة القادة رفيعي المستوى، التي استضافتها الولايات المتحدة بشأن اللاجئين، وماذا تعني بالنسبة للنساء والفتيات المشردات في جميع أنحاء العالم؟ لقد وضعوا خططاً لاعتماد اثنين من المواثيق العالمية في عام 2018، الأولى تركز على اللاجئين، والأخرى على الهجرة الآمنة المنظمة والمنتظمة. كيف ينبغي لتلك التعاقدات أن تتصدى لاحتياجات وتجارب النساء والفتيات المشردات؟

قدمت القمم فرصة جيدة لتسليط الضوء على ما يحدث، ولكن شعرنا بخيبة أمل من عدم وجود التزامات ملموسة أكثر واقعية، من شأنها أن تحدث فرقاً حقيقياً على أرض الواقع للاجئين والمهاجرين.

يتضمن إعلان نيويورك نقاطاً جيدة بشأن المساواة بين الجنسين والعمل الإنساني المستجيب للنوع الاجتماعي، والعنف القائم على نوع الجنس،
والمشاركة الكاملة والمتساوية للنساء والفتيات في إيجاد حلول. وتعتبر تلك النقاط الآن في غاية الأهمية لضمان أن التعاقدات التي سيتم تطويرها على مدى السنوات القليلة المقبلة للاجئين والمهاجرين ستشمل إجراءات محددة فيما يتعلق بحقوق وحماية وتمكين النساء والفتيات، التي ستخضع الدول للمساءلة بخصوصها.
 

نحن نحاول أيضاً الضغط من أجل التوصيات التي من شأنها توسيع نطاق الحصول على فرص كسب عيش قانونية وآمنة، والتي تمكن النساء والفتيات الأكبر سناً من حماية أنفسهن وأسرهن. وينظر المجتمع الإنساني في كثير من الأحيان إلى سبل العيش كمشاريع طويلة الأجل عندما لا تحصل النساء والفتيات على دخل، مما يعرضهن لخطر جسدي كبير. فأثناء محاولة عدد كبير من النساء شق طريقهن إلى أوروبا، تضطر بعضهن لبيع أجسادهن لدفع ثمن التذكرة والمرور، أو لدفع ثمن الطعام. ونحن نعرف أنه إذا لم تتم تلبية الاحتياجات الأساسية ستظل النساء معرضات لمثل تلك الانتهاكات. يمكنني القول إن هناك فرصة لعقد اتفاقيات لمعالجة هذه الفجوة بطريقة جديدة وذات مغزى.

٤ – جزء من الصفقة الكبرى في مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني، الذي انعقد في أيار/ مايو 2016، هو التزام منظمات الإغاثة والجهات المانحة بتوفير المزيد من التمويل الإنساني إلى الجهات المحلية والوطنية لتحسين النتائج بالنسبة للأشخاص المتضررين وتخفيض تكاليف المعاملات. وتم تقديم التزام إضافي لتقديم تمويل جيد وتدريب النساء المحلية في جميع أنحاء العالم. لماذا يعتبر هذا الأمر من الأولويات، وكيف يمكن للمجتمع العالمي تحقيق ذلك؟

تتم ترجمة مخرجات الصفقة الكبرى على الفور على أرض الواقع. ولتكون نتائج قمم الشهر الماضي فعالة، من المهم جداً العمل على تأمين تمويل للنساء والفتيات. نحن بحاجة للبرامج الإنسانية، التي تلبي الاحتياجات المحددة للنساء والفتيات، وأيضاً بحاجة إلى تمويل للذهاب مباشرة قدر الإمكان إلى منظمات المجتمع المدني. هناك حوالي (4000) منظمة مجتمع مدني تستجيب للأزمات، ولكنها تحصل على نسبة ضئيلة من التمويل الإنساني. يمكن لمجموعات المجتمع المدني مراقبة ما يجري في البلاد، وتساعد على مساءلة الحكومات حول جميع الالتزامات التي بذلت، لكنهم بالمقابل بحاجة إلى دعم مالي للقيام بذلك.

عندما يكون هناك عنف أو أزمات، فغالباً ما تستجيب جماعات حقوق المرأة للقضايا التي تؤثر على النساء والفتيات. ولكنها تفعل ذلك مراراً وتكراراً من دون أي تمويل على الإطلاق. تلك الجماعات تلعب دوراً حاسماً، لكن المجتمع الإنساني لا يعترف به.

لذا رصدت مفوضية اللاجئين النسائية مبلغاً إجمالياً للتمويل الإنساني الذي يذهب إلى جماعات المجتمع المدني، ومتابعة ما إذا كانت جماعات حقوق المرأة تحصل على نصيب عادل. هذا أمر بالغ الأهمية لحماية النساء والفتيات.

٥ – هناك جهد موازٍ يجري في الدعوة إلى العمل على حماية الفتيات والنساء في حالات الطوارئ، بحيث تتم من خلاله الاستجابة من قبل الجهات الفاعلة الإنسانية للتخفيف من مخاطر العنف القائم على نوع الجنس، وتوفير خدمات آمنة وشاملة للمتضررين من ذلك. ما هي الخطوة التالية على هذا الصعيد؟

التحدي الذي يواجهنا الآن يتمثل في التنفيذ. نحن نعرف الكثير عن منع العنف القائم على نوع الجنس، ومنه ما يبدأ بخطوات بسيطة مثل الأقفال ومراحيض منفصلة للنساء والرجال. ومع ذلك، وعبر المجتمع الإنساني، هناك فشل مستمر في تنفيذ التوجيهات الأساسية. نحن بحاجة إلى التواصل مع مزودي الشؤون الإنسانية للمساعدة على تنفيذ ذلك. عندما أقاموا معسكرات، كانوا بحاجة لتلك الإجراءات الأساسية في المكان منذ البداية، لذا من الصعب الآن تصحيحها، وكان الأمر أسهل لو لم تكن مقامة بالأساس، إذ تشكل معاناة كبيرة للنساء والفتيات في أماكن إقاماتهن. لقد بذل المجتمع الدولي التزامات قوية لحماية النساء والفتيات في حالات الطوارئ، ولكن الآن علينا التأكد من أن هذه التعهدات يتم تنفيذها فعلاً على أرض الواقع.

من هي سارة كوستا؟

سارة كوستا هي المديرة التنفيذية لمفوضية اللاجئين النسائية (WRC)، كانت تشرف على البحث والعمل في مجال دعوة المنظمة لحماية وتمكين النساء والأطفال والشباب النازحين بسبب النزاع والأزمات. تحت قيادة سارة، وسعت WRC قدرتها على ضمان حق اللاجئات في الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، وحمايتهن من العنف القائم على نوع الجنس، والتمكين الاقتصادي والاجتماعي.

ولدى سارة أكثر من 25 عاماً من الخبرة في مجال حقوق المرأة والصحة الإنجابية والنوع الاجتماعي وتنمية الشباب، وكذلك العمل الخيري العالمي. عملت طوال حياتها المهنية في شراكة مع الجهات الأقرب إلى هذه القضايا، ابتداء من المسؤولين الحكوميين، وصولاً إلى المنظمات النسائية المحلية.

وقبل انضمامها إلى مفوضية اللاجئين النسائية في عام 2010، كانت سارة المديرة الإقليمية للصندوق العالمي للمرأة، وهي منظمة تعمل على تقديم المنح التي تدعم منظمات حقوق المرأة العاملة على الأمن الاقتصادي والصحة والتعليم، والقيادة.

عملت سارة منذ عام 1994 إلى عام 2006، كمديرة برنامج لمؤسسة فورد في البرازيل ونيويورك وتطوير وإدارة البرامج الدولية والوطنية على أساس الجنس، الجنسية، والصحة الإنجابية وحقوق المرأة، فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، والسياسات الصحية.

وكانت أستاذة صحة المرأة في المدرسة الوطنية للصحة العامة، البرازيل في الفترة من 1980 إلى 1994. سارة كانت نشطة في الحركة النسائية في البرازيل، حيث كانت عضوة في اللجنة الاستشارية للمجلس الوطني لحقوق المرأة، وعملت على برامج عدة منظمات نسائية. وهي حالياً عضوة في المجلس الاستشاري العالمي لمنظمة التعليم العالمي.

حصلت سارة على درجة الماجستير في الديموغرافيا الطبية من جامعة لندن، ودكتوراه في الطب الاجتماعي من جامعة أكسفورد.

المصدر: 

http://blogs.cfr.org/women-around-the-world/2016/10/05/five-questions-about-the-un-summits-on-refugees-and-migrants/?cid=nlc-wfp-women_and_foreign_policy_update-september_2016-link20-20161012&sp_mid=52515742&sp_rid=bWplaGExOTYxQHlhaG9vLmNvbQS2

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »