Search
Close this search box.

طاهيات سوريات في كلّ أحياء مصر … تجاوزن صعوبة الحياة وأصبحن طبّاخات ماهرات

طاهيات سوريات في كلّ أحياء مصر … تجاوزن صعوبة الحياة وأصبحن طبّاخات ماهرات

كن مكرّمات فى بيوتهن، سيدات المنزل لديهن خدم وحشم، كن يحلمن بالشيء فيجدنه أمامهن.

لكنهن وجدن أنفسهن فجأة طريدات ليس فقط من منازلهن المنعمة، ولكن من بلادهن ككل، بلا مال أو أهل، في ظل وضع لم يتوقعنه حتى فى أسوأ كوابيسهن، إلا أنهن لم ينتظرن الإحسان من أحد، بل بحثن عن عمل يحميهن من السؤال وهم أبناء الشعب الذي علم العالم التجارة والصناعة إنهن السيدات السوريات اللاجئات في مصر.

بعد عدة تجارب بعضها فاشل كان “الأكل السوري” هو الحل لأزمتهن المالية من خلال مطبخ منزلي في الأغلب، وبات لكل واحدة منهن اسم شهير فى أحد أحياء القاهرة الكبرى، ورغم أنهن بالكاد يوفرن ما يحقق لهن الحياة الكريمة، إلا أن لسانهن لم يتوقف عن ترديد كلمة “الحمد لله”.

ولأن الطعام جزءٌ مهم من طقوس المصريين فى رمضان، فإن الأكل السوري حجز مكانه على موائدهم فى السنوات الماضية، وذاع صيت السيدات السوريات فى هذا الشهر الكريم، وانتشرت أرقام هواتفهن، حتى أنه لا يخلو حي من أحياء القاهرة من سيدة سورية امتهنت هذه المهنة.

” نحيا بالأمل “

4 سنوات هي مدة إقامة أم عادل- مسئولة الأكل السوري بحي مصر الجديدة- في القاهرة، حينما نزحت إليها مع زوجها وأبنائها الثلاثة.

تقول حينما وصلنا للقاهرة عام 2012 لم نكن مخططين لشيء، مكثنا أول عام فى حالة تخبط، قمنا بتأجير شقة، وفتحنا مطعماً، ولكن للأسف خسر المشروع وانتهت الأموال التي كانت معنا.

وأضافت فى حديثها لـ”هافينغتون بوست عربي” كان العام الأول هو الأصعب، بعدها اتجهت لتوفير إيجار المطعم الذى كان يكلفنا الكثير، بعمل الأكل من مطبخ منزلى، وبدأت أتوسع فى مطبخي بمساعدة زوجى وأولادي، الذين يدرس اثنان منهم أحدهما طالب فى كلية الهندسة، وابنتي طالبة في الثانوية العامة، وابني الثالث يعمل معنا، مشيرة إلى أنها أول مرة تعمل بنفسها في مصر فقد كان لديها خدم في سوريا.

وأوضحت أن أكبر الصعوبات التي تواجهها هو الغلاء الفاحش، والذي يؤدي لارتفاع الأسعار بشكل مستمر، وهو ما يجعلها تخسر بعض الزبائن، لأنها لا تستطيع أن تضحي بجودة المنتج الذي تقدمه مقابل تخفيض الأسعار.

وأشارت إلى أن الأطباق التي يفضلها زبائنها من المصريين هي ” الكوبيبة، السلطات السورية، الشاورما السورية، الرز بالخلطات الخاصة بهم”.

وقالت إن حلمها أن يكون هناك طبق خاص بها يحقق لها الشهرة في مصر كلها، واستبعدت أن تستطيع أن تورد طعاماً للفنادق الكبرى قائلة “ليس لدي الإمكانيات التي تؤهلني للمعارك من أجل دخول ساحة الفنادق”.

” أتوق للسفر لماليزيا”

كانت تحيا حياة الأميرات، لديها قصر مليء بالخدم، ولكن إرادة الله فوق كل شيء غيرت حياتها، لتأتي إلى مصر منذ ثلاث سنوات بصحبة ابنيها.

تقول “رانيا” – مسئولة الأكل السوري بحي المقطم بالقاهرة- إنني في البداية اتجهت للتجارة في الأحذية والحقائب بالاشتراك في معارض ولكن المشروع خسر، فقمت باستئجار مطعم، خسرت كل الأموال التي كانت معي في أول ثلاثة أشهر وذلك لأن المشاريع في البداية تحتاج للإنفاق لتجهيز المكان، ومواد خامة، وفي الوقت ذاته لا يكون لديك زبائن، ولكن لم يكن لدي القدرة المالية لتحمل خسائر أكثر فاتجهت إلى عمل مشروع مطبخ منزلي وذلك منذ عامين.

وأوضحت لـ”هافيغتون بوست عربي” أن غلاء الأسعار يحول دون توسيع مشروعها، ولكنه يضمن لها بالكاد الحياة كريمة، لأنه يومياً مع الغلاء تخسر أشخاصاً من طبقات لا يتحملون سعر الوجبة بعد الزيادة.
وقالت أن حلمها الوحيد أن ترى ابنها الموجود بماليزيا وأهلها الموجودين بأميركا، إلا أنها لا تستطيع السفر إليهم لأن إقامتها سياحية وفي حالة السفر تلغى الإقامة ولا تستطيع العودة، وهم لا يستطيعون دخول مصر لأنهم سوريون.

” ًلا أملك مطبخا”

” تحيا بثلث قلب”..هكذا وصفت “أم أنور” – مسئول الأكل السوري بمنطقة المهندسين- نفسها، لأنها حينما جاءت للقاهرة منذ أربع سنوات، لم تستطع أن تصطحب معها إلا ثلاثة من أبنائها، وهاجر ثلاثة آخرون إلى لبنان، بينما حال الحصار دون تحرك الثلاثة الباقين إلى أي مكان، ومازالوا هناك.

وأوضحت فى تصريحات لـ “هافينغتون بوست عربي” أنها حينما قدمت إلى مصر لم تكن تمتلك الكثير من الأموال، فما كان معها مكنها فقط من استئجار شقة حتى بدون أثاث، ولم تستطع الحصول على عمل بسهولة.

وأضافت فى إحدى المرات أثناء وجودي بالمسجد جاءتني امرأة مصرية وسألتنى إن كنت أريد عملاً، واصطحبتني معها لمساعدتها فى مطبخها فهي تعمل فى الوجبات المنزلية ومنذ ذلك الحين وأنا أعمل معها. وقالت إن أكثر الأطباق التي يفضلها المصريون هي ورق العنب بالطريقة السورية، التبولة، والمقبلات الخاصة بهم.

وأشارت إلى أنها لا تملك مطبخاً مجهزاً لتقوم بمشروع خاص بها ولكنها راضية على كل حال، وأخذت تردد “الحمدلله.. الحمدلله”. وأكدت أن حلمها أن تستطيع السفر لسوريا لرؤية أبنائها الموجودين هناك لكي تعود روحها لجسدها.

” أصحاب عزة نفس”

ومن جانبه قال باسم الجنوبي مؤسس مبادرة سوريا الأهل، إن السوريين أصحاب عزة نفس، فعلى الرغم من أن أغلب السيدات السوريات لم يكن يعملن وكنا يمتلكن الخدم، إلا أنهن رفضن أن يتسولن أو ينتظرن إحساناً من أحد، وبدأن في البحث عن عمل لتوفير حياة كريمة لهن.

وأضاف لـ”هافينغتون بوست عربي” إن مبادرة “سوريا الأهل” والتي انطلقت مع بداية شهر رمضان تحاول التسويق الإلكتروني لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أن الأكل السوري أصبح يلقى رواجاً في الشارع المصري بعد أن اندثر الأكل المصري، مؤكداً على تميز السوريين في الطهي والمشغولات اليدوية.(حسب قوله)

وأكد الجنوبي أن المبادرة تحاول توفير فرص عمل للسوريين من خلال الوظائف التي يتميزون فيها سريعاً، موضحاً أنه بعد عيد الفطر ستوقع المبادرة بروتوكلات تعاون مع بعض الجهات التي ستخصص مراكز تأهيل للسوريين لسوق العمل فى الحرف اليدوية المختلفة من طبخٍ أو مشغولات يدوية أو قيادة سيارات لتسهيل دمجهم فى المجتمع وتوفير فرص عمل لهم تضمن لهم حياة كريمة.

الزواج أكبر مشكلة

وعن الصعوبات التي تواجه السوريات في مصر، قال “الجنوبي” هناك مشاكل الإقامة وتجديدها وعدم القدرة على استقدام الأهل كالزوج والابن والابنة من سوريا أو حتى من دول الجوار وهو ما يتسبب في مشاكل نفسية لهن بالمقام الأول ومشاكل اقتصادية لأنهن أحياناً يكنّ في انتظار عائل الأسرة.

وتابع كما أن هناك مشاكل متعلقة بإلحاق أبنائهم بالمدارس والجامعات المصرية لأن الحكومة المصرية تعامل الطالب السوري كطالب أجنبي وبالتالي تطلب منه أن يدفع مصاريفه بالدولار وهو ما يعتبر عبئاً كبيراً على الأسر التي تركت أموالها ونزحت للقاهرة دون أدنى شيء.

أما المشاكل غير الرسمية فتتمثل فى المضايقات خاصة للنساء منهن سواء أرملة أو فتاة أو حتى زوجة لم يستطع زوجها دخول مصر بعد، حيث يستغل البعض معاناتهن سواء بطلب الزواج العرفي أو حتى الرسمي دون أي حقوق، وإن كان ذلك لا يخرج عن إطار الحالات الفردية.

المصدر موقع “هافينغتون بوست عربي”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »