Search
Close this search box.

ما هي الصعوبات الّتي يواجهها السوريّون في مصر في التّعليم؟

ما هي الصعوبات الّتي يواجهها السوريّون في مصر في التّعليم؟

الاسكندرية – مصر

في عام 2012، صدر قرار استثنائيّ عن رئيس الجمهوريّة يقضي بمساواة الطالب السوريّ بالمصريّ في التّعليم بمراحله المختلفة شاملًا المجانية، كما تمّ تيسير اشتراطات التّسجيل في المدارس الحكوميّة، لتصبح الأوراق المطلوبة هي فقط جواز السفر وشهادة مصدّقة من مدرسة الطالب السابقة في سوريا، لكن الواقع هو ما يعكس ما يحيط بالعملية التعليمية من صعوبات.

“سامي الأحمد” مؤسس فريق “خطوة” السوري (وهي مجموعة تعمل على مساعدة الطلاب السوريين لاكمال تعليمهم في مصر) يقول في تصريح للمونيتور “إن قرار مجانية التعليم يتم تحديثه كل عام منذ صدوره، ففي عام 2014 تم استثناء الدراسات العليا منه، و استثنيت بعض المعاهد والتعليم المفتوح في عام 2015، أما هذا العام فلم يتم اصدار أية تحديثات من جهة وزارة التعليم العالي، وهو ما اعتبرته بعض الكليات دليل على إلغائه وتم معاملة الطلاب السوريين بها أو المتقدمين إليها معاملة الوافدين.”

ويُذكر أن الطلبة الوافدين يسددون مصاريفهم الدراسية بالعملة الأجنبية والتي تصل إلى 1000 جنيه استرليني في الحد الأدنى للعام الدراسي الواحد بحسب المواقع الرسمية لبعض الجامعات المصرية.

أما عن اجراءات التسجيل بالمدارس الحكومية، فتتوزع بين جهات حكومية مختلفة، فعندما يتقدم الطالب إلى التّسجيل بالمدرسة يحصل على ورقة من الإدارة التعليميّة يستخرج على أساسها تصريحاً بالإقامة له ولأبويه لمدّة عام من إدارة الهجرة والجوازات، وتعد الإقامة في الوقت نفسه شرطًا أساسيًا لاتمام تسجيل الطالب السوري أو أي جنسية أجنبية بالمدارس.

ويقول ” أحمد الحمصي” – طالب بالصف الثالث الثانويّ من مدينة الاسكندرية للمونيتور: “ذهبت لاستخراج تصريح الإقامة من إدارة الهجرة والجوازات، لكنّ بطء سير الإجراءات تسبّب في مرور فترة التّسجيل بالمدرسة قبل أن أحصل على التّصريح”.

ولقد أفاد العديد من أولياء الأمور السوريّين أنّ بطء سير الإجراءات داخل إدارة الهجرة والجوازات وقلّة عدد المدارس الّتي تقبل الطلبة السوريين هما من المشاكل المتكرّرة.

ويُرجع مديرو المدارس عدم قبولهم لطلاّب جدد إلى ازدحام الفصول، بينما يرى بعض أولياء الأمور أنّه توجُّه تدفع به الدولة للتضييق على الحصول على إقامات.

في هذا السّياق، يقول عمر للمونيتور ، وهو أب سوريّ من مدينة دمياط: “ذهبت مرّات عدّة إلى إحدى المدارس لتسجيل ابني فيها. وفي آخر لقاء، طلب مدير المدرسة من أولياء الأمور السوريّين المتواجدين المجيء في يوم محدّد للتقديم. وعندما ذهبنا في الموعد المحدد، أخبرونا أنّه قد تمّ إغلاق باب التّقديم لاكتمال عدد الطلاب”.

وقد نفى “هشام السنجاري” رئيس قطاع الخدمات بوزارة التربية والتعليم للمونيتور وجود رفض لأي طالب سوري بالمدارس الحكومية قائلًا “إن أي طالب عربي لديه إقامة يتم قبوله بنص القانون”، وقالت ” فاطمة خضر ” مديرة مديريّة التّربية والتّعليم بمحافظة القاهرة للمونيتور: “لدينا تعليمات بتسهيل إجراءات تسجيل الطلاّب السوريّين في المدارس، فمثلا إذا فقد الطالب شهادته السابقة يقوم بأداء امتحان تحديد مستوى، ويلتحق على أساسه بالمرحلة التعليميّة المناسبة”.

من جهته، قال “صهيب الأسود” مسؤول خدمات في مؤسّسة “تضامن” المعنيّة باللاّجئين للمونيتور”إن إمتحان تحديد المستوى يشمل كلّ الموادّ الدراسيّة، ويتمّ خلال ساعتين فقط، ممّا يتسبّب كثيراً في ضعف علامات الطالب، وتسجيله بصف دراسيّ أقلّ من سنّه بعام أو أكثر”.

وهي الأزمة الّتي يعاني منها العديد من الطلاّب، بحسب استبيان أجرته المؤسّسة -اتطلعنا على نتائجه- عن أسباب انقطاع الطلاب السوريين عن المدارس الحكوميّة، واّلذي أشار أيضاً إلى ظاهرة “العنف داخل المدارس”.

“مروة حمدي” – أمّ لطفلين من مدينة الإسكندريّة- تروي للمونيتور” أنّ أصغر أبنائها- يبلغ من العمر (8 أعوام)- أصيب بالتبوّل اللا إراديّ بسبب ما يلقاه من ضرب على يدّ بعض المدرّسين.”

أمّا “إخلاص” الّتي تقيم في المدينة نفسها، فلفتت في حديث مع المونيتور إلى أنّها عندما اصطحبت ابنها محمّد (11 عاماً) إلى المدرسة في أوّل يوم دراسة، شاهدت مشاجرة بين عدد من الطلاّب. وعلى أثرها، قام أحدهم بضرب الآخر باستخدام قطعة من الطوب جعلت الدماء تتدفّق من رأسه، مما جعلها تسحبه من المدرسة بلا رجعة.

من جانبه نفى د.”رضا حجازي” رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم للمونيتور وجود استخدام للضرب من جهة المدرسين تجاه أيٍ من الطلاب، وأضاف:” لا يمكن أن نقول أن هناك عنف في المدارس من أجل حالة أو حالتين، وقد وصلتني شكاوى من قبل لكنها كانت فردية، كما يوجد بكل مدرسة مجلس للأمناء يقوم بحل هذه النوعية من المشاكل، وتوجد رقابة من الوزارة على المدارس متمثلة في لجان التفتيش التي تتحرك إذا تم تلقي شكوى أو للرقابة دوريًا واصدار تقييم بأداء كل مدرسة.”

في نفس المجال يشير رئيس الجالية السوريّة في مصر السيّد “راسم الأتاسي” في تصريح للمونيتور إلى أنّ إحصاءات الجالية تفيد بفصل 9000 طالب سوريّ من المدارس الحكوميّة بسبب صعوبة تأمين تكاليف الدراسة.

من جهتها، ذكرت “مروة هاشم” مساعدة مسؤول الإعلام لدى المفوضيّة السامية لشؤون اللاّجئين للمونيتور أنّ المفوضيّة توفّر معونات دراسيّة حصل عليها هذا العام ٢٥ ألف طالب سوريّ في المدارس الحكوميّة، و قالت للمونيتور “أن هناك تعاون بين المفوضيّة والحكومة المصريّة، ففي العام الدراسيّ السابق قدّمنا منحة تقدّر بـ١٠ مليون جنيه لتحسين وبناء عدد أكبر من الفصول في مدارس تشهد كثافة عالية من الطلاّب السوريّين”.

ويقدّر عدد الطلاّب المسجّلين في المدارس الحكوميّة بـ39.314 طالباً سوريّاً من مجمل 300.000 لاجىء سوريّ، بحسب بيان لمفوضيّة شؤون اللاّجئين صدر في فبراير 2015

أمّا عن أولياء الأمور المقتدرين فيفضّل الكثير منهم تسجيل أبنائهم في مدارس الجاليات الليبيّة والسودانيّة.

وفي حديث للمونيتور مع مجموعة من 10 طلاّب سوريّين في مرحلة الثانويّة العامّة ينتسبون إلى المدرسة السودانيّة بالإسكندريّة، أشاروا إلى أنّ أهمّ ما يميّزها بالنّسبة إليهم هو عدم اكتظاظ الفصول ومعاملة المدرّسين الحسنة لهم، بينما كانوا يعانون في مدارسهم الحكوميّة السابقة –بحسب تعبيرهم- من توجيه كثير من المدرّسين إلى الطلاّب السوريّين عبارات من نوع “أنتم احتلّيتوا البلد” “أنتم أخدتم خير البلد”، إلى جانب توجيه الشتائم للطلاب عامة.

وأشارت الفتيات إلى أنهنّ كنّ يتعرّضن لمضايقات من جانب زميلاتهنّ، إذا أبدى أحد المدرّسين اهتماماً بالطالبات السوريّات من باب التّقدير لظروفهنّ كطالبات مغتربات.

ولقد ذكر الطلاّب بأغلبيّتهم أنّه قد عُرض عليهم، ولو مرّة على الأقلّ، تدخين المخدّرات من جهة زملاء لهم في المدرسة، وهو الأمر الّذي أكّدته أيضاً الفتيات.

وقد استنكر د.رضا حجازي هذا الأمر نافيًا تمامًا وجود تداول للمخدرات داخل المدارس، وقال للمونيتور: “إذا وصلتني شكاوى محددة باسم المدرسة أو الطلاب الذين يقومون بذلك سوف أتقدم ببلاغ فورًا إلى النيابة.”

وقد أشار الطلاب خلال المقابلة أن أشد ما يقلقهم الآن هو عدم قبول شهاداتهم في الجامعات المصريّة نظرًا لما يوضحه صهيب الأسود -المعلم بنفس المدرسة بالقاهرة- للمونيتور وهو “أن قبول الطلاّب السوريّين على وجه الخصوص من حاملي الشهادة السودانيّة بالجامعات أصبح متغيّراً من عام إلى آخر”.

وقد أوضح “هشام السنجاري” رئيس قطاع الخدمات بوزارة التربية والتعليم للمونيتور أن مدارس الجاليات هي مخصصة فقط لخدمة أبناء جالياتها ولا يسمح لها بتسجيل أية جنسيات أخرى.

أما “سامي الأحمد” مؤسس فريق “خطوة” فأشار للمونيتور “أن السوريين حاملي الشهادة الثانوية الليبية والسودانية كان يتم قبولهم بالجامعات حتى عام 2015، لكن صدر قرار في نفس العام عن وزارة التعليم العالي يقضي بمنعهم.”

وقد تقدم الطلاب السوريون من حاملي شهادة الثانوية الليبية لعام 2015 بالتظلم في العام الماضي، بحسب محمد خير الحلبي مسئول العلاقات العامة بالهيئة السورية في مصر، والذي قال للمونيتور “أن الهيئة قد تواصلت حينها مع السلطات المعنية وتم قبول تظلم الطلاب وألحقوا بالجامعات وكان يبلغ عددهم حوالي 500 طالب.”

فيما امتنعت وزارة التعليم العالي عن توضيح الموقف القانوني للمونيتور ممثلة في المتحدث الرسمي.

ويعتبر الكثير من السوريّين المقيمين في مصر أنّ الحلّ الأمثل لأزمات التّعليم هو إنشاء مدرسة سوريّة تمنح شهادة معتمدة، خلاف ما يطلق عليها “مدارس سوريّة” في مصر، وهي لا تعدو كونها “مراكز تعليميّة”.

وفي هذا المجال، أشار “هاني بخصاص” مسئول العلاقات العامّة بإحدى أكبر هذه المراكز وهي “مدرسة بناة الحضارة” في حديث للمونيتور إلى أنّ الطلاّب السوريّون الذين يداومون بالمركز هم فقط المسجّلون في المدارس المصريّة، وقال: “توجد فصول لجميع المراحل تشرح المنهج المصريّ، لكنّ المركز لا يمنح شهادات، ولا يعتبر جهة رسميّة لأداء الإمتحانات”.

ولقد عالجت هذه المراكز الصعوبات الّتي يواجهها الأطفال السوريّون في استيعاب الشرح باللّهجة المصريّة في المدارس الحكوميّة، عبر تعيين مدرّسين سوريّين للتدريس في المراحل التعليميّة الأساسيّة، وهو ما أتاح للمدرّسين السوريين أيضًا فرص للعمل حيث لا تسمح لهم القوانين بالتدريس في المدارس الحكوميّة، ويعانون من ضعف الرواتب في المدارس الخاصّة.

وعن تأسيس مدرسة سوريّة على غرار مدارس الجاليات الأخرى، قال “هـاني” للمونيتور:”الترخيص لبناء مدرسة يستوجب أن يقع المبنى على مساحة كبيرة من الأفدنة، إضافة إلى مساحة الحوش، وهو ما يعدّ عبئاً ماديّاً لا نقدر عليه”.

عن موقع “المونيتور”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »