كلمة الدكتورة فداء الحوراني التي ألقتها بمناسبة يوم المرأة العالمي

كلمة الدكتورة فداء الحوراني التي ألقتها بمناسبة يوم المرأة العالمي

الشهر الثاني من ٢٠١٦ – حسب اللجنه السوريه لحقوق الانسان، والمركز الصحفي السوري – يسلم أمن الدولة جثث ثلاثة نساء للمشفى الجامعي بحلب، فاطمة مدراتي ستة وثلاثون عاما، ياسمين فقي سبعة وعشرون بهجه حفيظ خمسة وعشرون. لا يقدر احد على وصف معاناتهن قبل ان يغادرن الحياة بين أيدي جلادي الفرع. مر الخبر عابرا كما مأساة الملايين من السوريات والسوريين.

– بعد أشهر من المجزرة الكيميائية في الغوطه التي قام بها النظام باعتراف اوباما نفسه في خطابه امام الدوره ٦٨ للجمعيه العموميه ” ان القول بان طرفا اخر وليس النظام استخدم السلاح الكيمياوي هو إهانة للأمم المتحدة”، بعدها باشهر -في نيسان 2014- راس النظام القاتل يقول ” اذا اعتبرنا اننا امام عشرات آلاف الإرهابيين من السوريين – ولن أتحدث عن الأجانب هنا -…… فهذا يعني ان هناك بيئة حاضنة …… يعني نتحدث عن مئات الآلاف، بل ملايين ……. انه فشل … وكلنا يتحمل المسؤوليه !!!!!”

وبعقيدة نظام الاسد الى الأبد، والأسد او نحرق البلد- الشعاران اللذان أطلقهما النظام منذ الايام الاولى للمظاهرات السليمه- فان النظام عليه ان يبقى وعلى حاضنة الإرهاب تلك – ملايين السوريين وكل من رفض الذل والأبد من اي طائفة كان – ان تتلاشى ذبحا وتهجيرا وهذه البيئة الإرهابية التي يتحدث عنها هي في الواقع البيئه نفسها التي ناضلت من أوائل القرن العشرين وأنجزت اول استقلال في العالم العربي وهي البيئة نفسها التي لملمت البلد وحافظت على سيادته ووحدته وهي من حمى بذرة التعايش الفريد والمميز فيه عمليا ودستوريا، وهي من بنضالها طور آليات الحياة الديمقراطيه بكل ابعادها فأقر دستور ١٩٥٠ حق المرأة بالانتخاب قبل العديد من الدول الأوربية وكان ذلك تعبيرا عن إرادة مجتمعية ولم يكن أبدا جزأ من لعبة التفريق الطائفي ولم يكن حملة علاقات عامه لإخفاء ما يقبع خلفها من جرائم الاستبداد. ومن يتصور أن المذبحة قد بدأت لهذه البيئة مع بداية الثورة فهو لا يعرف شيئا عن مأساتنا وعن مذبحتنا التي بدأت منذ عقود- منذ الانقلاب الأخير على الديمقراطيه في سوريا عام 1963 -مذبحة جسديه و سياسيه وثقافية واقتصادية.

– “نحن بجامع عمر بن الخطاب – الجامع الذي ستبدأ منه فيما بعد التظاهرة الاولى المطالبة بالحرية في حماه عام ٢٠١١ – كان الجامع مدمرا، لم يبق منه الا الموضئ ونحن بداخله، فتح الباب وأدخلوا خمس او ست فتيات …… القسم السفلي من ملابسهن مليئ بالدماء، أخذت النساء الموجودات معنا الفتيات الى جزء خلفي من الموضئ بعد ان ملأت دماؤهن قلوبنا وتساعدن على إيقاف النزيف الذي لطخ المكان ” شهادة الفنان خالد الخاني ابن الدكتور الخاني طبيب العيون الذي قتله النظام وانتزع عينيه في معمل البورسلين في حماه بعد ان حوله الى معتقل جماعي للتعذيب والقتل إبان مجزرة حماه ١٩٨٢، والتي راح ضحيتها حوالي الثلاثين ألفا من سكان المدنيه في صمت إقليمي ودولي مطبق، شهادة حملها الابن بذاكرته وقلبه ولم يتجرأ على البوح بها الا مع بداية الثوره ٢٠١١ عندما تصدعت جدران الخوف والصمت.

– في 2012-2-2. يكتب الدكتور حيدر الامين عن اخته الكبرى في ذكرى المجزره” أتذكرها تحملني بيديها … أتذكرها تطعمني وتغسلني وتلبسني ثيابي بيديها … أتذكرها كيف علمتني القراءة والكتابة.. كانت تختبئ هناك مع أطفالها وما يقارب الستين من امرأة وطفل..دخل وحوش النظام … قصوا يديها وهي حيه …طعونها ببطنها بسكاكين بنادقهم …ثم بدأوا بقتل الجميع رشا بالرصاص لم ينج الا طفلة من أطفالها الاربعه.. وعدة أطفال صغار وقعت جثث الشهداء فوقهم وحمتهم وكأنهم فعلوا ذلك لكي يبقى هؤلاء احياء كي يشهدوا امام التاريخ ويحكوا لنا ما حدث ٠٠٠٠ يقتلني هذا السؤال لماذا لم يقتلوها قبل ان يقصوا يديها ؟؟ لماذا أرادوا ان يشاهد أطفالها ما حدث لها قبل أن يقتلوها ويقتلونهم ؟؟؟ ”.

اليوم كم من فتاة بعمر الورد وبطهرمريم العذراء على الحواجز وفي الأقبية والسجون نزعت عن رأسها وروحها ستر النور الالهي وانتهكت روحا وجسدا ؟ وكم من قصة يراد لها ان تبقى حبيسة صمت دفين ” يسترها ” تنتظر مرور الزمن عله يطوي آلامها كما حدث في حماه؟

اليوم وسوريا مذابح لا تعد ولا تحصى كم من الملاعب فيها والمشافي والمدارس والأقبية والمصانع صارت معتقلات جماعيه يمارس فيها ساديو العصر ساديو النظام فنونهم بالقتل وانتزاع الأعضاءوالمتاجره بها.

كم قبو فيهاشهد ما شهدته أقبية حماه وكم جامع شهد ما شهده جامع عمر بن الخطاب.

– في شهادتين لريم وزينب وهماصبيتان مقاتلتان(شبيحتان) في كتيبه نسوية أنشئت بأمر من بشار الاسد مباشره. قدمهن النظام في تقرير للفرنس برس بمظهر يجد قبولا لدى المجتمع الغربي.شهاده ريم”قنصت اكثر من احد عشر شخصا بنفس اليوم، وكنت كثير فرحانه، فكافأني قائدي وأعطاني شهادة ثناء وامتياز كتلك التي تعطى بالمدرسة !!”

شهاده زينب”القناصة للقتال الفردي يعني قتل شخص واحد فقط، اما قاذف الي ١٠ رميت به بيتا عربيا ودمرت كل شيئ فيه !!!!” أي وحشية لهذا النظام وأي آلة إعلامية ومؤسسات علاقات عامه تعمل دون كلل على طمس المذبحه وتجميل وجه القاتل في عيون الغرب على أشلاء السوريات مقتولات وقاتلات !!!

كم من تشويه وصمت يراد له ان يبقى يلف المجزرة، فبانكمون لا يزال يمارس قلقه وأخر قلق له ما وصفه المتحدث الأممي فرحان حق عن “قلقه البالغ من تقارير عن هجمات صاروخية على خمس منشآت طبية على الأقل ومدرستين في حلب وادلب راح ضحيتها نحو خمسين مدنيا بينهم أطفال”!!!! ولا تزال هذه التقارير تحتاج الى اثباتات حسب المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الانسان!!!عندما يقول ” في حال إثبات استهداف مدارس ومشافي يوم أمس وبشكل متعمد-لاحظوا معي وبشكل متعمد-فيمكن اتهام البلدين سوريا وروسيا بارتكاب جرائم حرب !!!!” التصريحات بتاريخ ١٦شباط 2016.

– ك.ح. في شهر تموز من عام ٢٠١٣ اخبرها الامن عن استشهاد زوجها تحت التعذيب وفي الشهر التالي عن استشهاد ابنها البكر وهو لم يتجاوز السادسة عشر، وكانا قد اعتقلا مبكرا في الطور السلمي للثوره بحجة التظاهر وتمويل الإرهاب اخبرها الجيران الا تأتي الى البيت فانهم يسألون عن ابنها المتبقي وعمره لم يتجاوز الأربعة عشر،أخذت أبنيتها والصبي ومن لمكان تحاول ان تحافظ على ما تبقى لها من عائله.وهده حال الحاضنه كلها التي تحدث عنها بشار.

يا أجمل بطن حاضن يا بيئة الثوره.

انت الشهيدة.

اخت الشهيد ولوعة أمه.

انت حبيبته،ودمعة ابنة حرمت عبير الأب المقتول.

ولأنك أنى وطئت الأرض يسري في أعماقها حلم الكرامة، فقصف وقصف وقصف.

غادرت بيت الطاعة ! ؟

فقصف وقصف وقصف.

لا مناطق آمنة لديك لتبقي تركضين من ركام لركام.

فوق ظهرك صرة فيها بقايا رؤا لحلم بالكرامه واشلاء من ذكريات وبقايا عائله.

افترشي التراب فلا حائط يأويك.

والتحفي السماء فلا سقف ولا باب لديك لتوصديه.

وكلي حشيش الارض فالجوع في قاموس هذا العصر سر للركوع.

أنت انت وحدك.انت وحدك من يستهدفون.

لا داعشا او نصرة.

حوصرت.

كل المنافذ أغلقت في وجهك.

نحوا اختلافات لهم وتبادلوا في قتلك الأدوار.

واليوم يعدون.

لآخر مشهد في المجزره.

أوصدوا أبواب مؤتمراتكم من أجلها.

كفوا ولا تتحدثوا عما على دستور سوريه الجديد ان يحتوي من اجلها.

او ما سيهديها، وهي القتيلة، من حقوق !! وضعوا النقاط على الحروف: كل الخطوط مباحة في قتلها لما تحاول ان تعود حرة ولها كرامة.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »