Search
Close this search box.

ختان الأنثى بين الواجب الديني والإرث الاجتماعي

ختان الأنثى بين الواجب الديني والإرث الاجتماعي

وجيهة عبد الرحمن

الختان هو أحد الفرائض، التي أمر بها الله ويجب اتباعها، والفتاة التي لم تتعرَّض للختان هي فتاة مكروهة منتقَدة وسط أقاربها، ولا تجد من يتزوجها، وتكون عُرضة للشائعات التي تلوِّث سمعتها”.

بهذه الذرائع وغيرها، تمَّ ممارسة تقليد شعبي من أشد التقاليد عنفاً للمرأة وهو الختان.

الختان: هو اقتطاع جزء ( البظر) من الأعضاء التناسلية الخارجية، أو اقتطاع العضو التناسلي بأكمله، مما يؤدي إلى تشويهه.

وهو يختلف عن الإقفال الذي هو سدُّ بوابة الجهاز التناسلي للبنت، في مرحلة مبكِّرة من العمر، شريطة ترك منفذ ضيق للتبول فقط، والنتيجة أن العمليتين لهما نفس الأهداف.

الختان يكون بإزالة جزئية كإزالة البظر بكامله، أو بتر الشفرتين الصغيرتني، ولكن قد يلجأ الكثيرون  إلى الإزالة  الكاملة للعضو التناسلي، وخياط جانبي فتحة المهبل ،وهو عملية عنف تمارس ضد المرأة، وبالرغم من تقديم الأوساط التي يمارس فيها هذا التقليد، تبريراتهم إلا أنه يعتبر تمييزاً صارخاً ضد المرأة.

هذه العادة متوارثة لدى بعض الأمم التي تقوم بالختان، تحت مسميات كثيرة ، وما اختلاف التسمية بين( الختان- طهارة- تشويه) إلا ليبرِّر البعض ما يذهبون إليه من تشويه للأعضاء التناسلية للمرأة، فابتكروا كلمة الختان تغطية للعنف الذي يمارسونه على أهم عضو في جسد المرأة.

والإشارة للتسمية بالختان يكون أيضاً لربط تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى بعملية ختان الذكور، ولكنهم يتناسون الفرق بين أنواع القطع، الأمر الذي أدى إلى فشل مصطلح الختان للمرأة.

تفيد البحوث والدراسات أن هناك الكثير من الأسباب والمعتقدات والدوافع ( اجتماعية- سياسية- ثقافية – نفسية) وراء استمرار هذه العادة  في الدول التي تمارسها.

 أسباب الختان وفوائده بنظرهم:

  • الختان هو من العادات الموروثة منذ زمن بعيد.
  • الاعتقاد أن  الختان يزيد من الخصوبة.
  • تراكم البكتريا  في تلك المنطقة لأنها منطقة رطبة، وقد تتسبب في موت الجنين أثناء الولادة.
  • الختان هو محاولة للسيطرة على الرغبات الجنسية للمرأة للحفاظ على عفتها.
  • تجميلاً للأعضاء التناسلية القبيحة وتجنباً للقذارة، لأن هذه الأعضاء لها إفرازات ذات رائحة كريهة.
  • الختان سيوفر فرص أكبر لزواج بناتهم، بسبب اعتقاد المجتمع.
  • هو إشارة لبلوغ الفتاة وإشارة لبدء الحياة الجنسية للفتاة.
  • يتم ممارسة الختان للحفاظ على عذرية الفتاة، وتحصينها من الشهوة الجنسية.
  • الاعتقاد أن هذه العادة هي جزء من تنشئة الفتاة.
  • الفتاة المختونة هي فتاة مطيعة لاترهق زوجها في العلاقة الجنسية.

وهناك اعتقادات تفيد أن الختان يقي المرأة من العقم وارتكاب الفاحشة، وإنَّها ستؤدي شعائرها الدينية بطريقة طاهرة، أما الفتاة التي لم تتعرض للختان في تلك البلدان، فإنه يتمُّ التعامل معها بازدراء، على أنها مستعدة للانحراف، والانقياد وراء رغباتها الجنسية وفقدان عفتها في أية لحظة.

ملحوظة

انطلاقاً من أن الفتاة التي تعرضت للختان تمتع زوجها جنسياً، فإن النساء اللواتي كان يراد بهن إمتاع مجموعة من الرجال، كان يتم ختانهن لتلك الغاية، لأن الفتاة المختونة لديها رغبة جنسية أكثر من الفتاة التي لم تختن، فهي لاتصل إلى الإشباع بسهولة، الأمر الذي يجعلها متطلبة للممارسة الجنسية أكثر من غيرها، وهذا الأمر بحد ذاته دحض الفكرة القائلة : أن الختان يكون من أجل حماية شرف الفتاة.

المخاطر

قد يسبب الختان الكثير من المشكلات الصحية، ودرجة المخاطر تتوقف على البيئة ونظافة الأدوات المستخدمة، ودرجة القطع، وغالباً ما تكون المخاطر كثيرة لأن هذا التقليد يتم في الأوساط الشعبية وبسرية تامة، لذلك فقد يتم استخدام مقصَّات غير معقمة أو موس حلاقة فتتعرض المرأة إلى:

  • النزيف الذي قد يؤدي إلى الموت.
  • الختان يتم دون تخدير لذلك فهو يسبب ألما شديداً
  • انتقال الكثير من الأمراض ( الأيدز) وغيره نتيجة استخدام الأدوات دون تعقيم ولمرات عديدة
  • مشكلات في التبول التي تنتج عن ترك فتحة صغيرة بعد تخييط طرفي المهبل
  • عدم القدرة على ممارسة الجنس بصورة طبيعية، لأن العملية قد تترك جروح تغطي منطقة المهبل، الأمر الذي يجعل الجماع صعبا.
  • وقد ينم عن ذلك مشكلات متعلقة بالصحة النسائية، فتفقد المختنة القدرة على التخلص من دم الحيض كاملا.

إحصائيات

تشير التقديرات إلى أن عدد الفتيات اللواتي تعرضن للختان حول العالم يتراوح بين ال100 مليون- 140 مليون امراة وفتاة، أي بمعدل 3 ملايين سنويا.

نسبة الختان في المناطق الجنوبية لموريتانيا مثلا حسب منظمة نشاط هي 70% عام 2012

والنسبة في اختلاف حسب القوميات الموجودة في تلك المناطق، فقد يصل إلى 98% كما في قومية السونكي، و97% لدى قوميتي السوننكي والتكلور المعايشتان معاً.

أما تقارير المنظمة الموريتانية للنساء تفيد أن النسبة تزيد عن 73% في المناطق الداخلية.

وفي مصر يتم إجراء الختان ل90% من الفتيات بين سن ال5-14 سنة، أما في اليمن فيتم إجراء الختان ل75% قبل سن البلوغ بأسبوعين

وفي إقليم كردستان أثبتت إحصائية قامت بها منظمة ألمانية مختصة بالدراسات الاجتماعية أنه في عام 2008 تم ختان 2400 أنثى من أصل 2950  أي نسبة61% في 148 قرية في منطقة كريمان التابعة لمحافظة السليمانية.

وأن 2000 طالبة من أصل 2300 في 31 مدرسة تتعرض للختان في  بدات بتوين وبشدر وباليسان وشقلاوة في أربيل والسليمانية أي نسبة 94%.

وينخفض متوسط العمر الذي يتم فيه الختان في بعض البلدان مثل( بوركينا فاسو- ساحل العاج- مصر- كينيا- مالي).

رأي الفقه الديني

الكثير من الفقهاء يرون أنَّه لاعلاقة لهذا التقليد بالدين، وإنما هو موروث اجتماعي لدى تلك المجتمعات، اعتقاداً منهم أن الشرور تكمن في ذلك الجزء من جسد المرأة، وأنه بعملية الختان يقومون بطرد الشر الذي قد يدخل إلى جسد المرأة، ويجعلها تعيش في أمان من غريزتها الجنسية التي قد تدفعها إل ارتكاب الفاحشة قبل الزواج.

يذهب الفقيه السنغالي محمد الماحي إلى:  بما أن عادة الختان تسببت في وفيات وفي إعاقات خطيرة، فهي بهذه الطريقة محرمة شرعاً، وإن الإسلام لمْ يشرِّع هذه الممارسة وموقف الشرع تابع للرأي الطبي المختص، فكل ما يؤكد الأطباء ضرره على صحة الإنسان ، يلتزم الشرع بتحريمه، لأن الله يكرم الإنسان ولا يوجب عليه ما يضره في حياته، ولكن الكثيرين أيضا ينظرون إلى الختان على أنه واجب ديني على الفتاة.

تذهب الدكتورة: ست البنات خالد محمد علي في كتابها ( ختان البنات) إلى تبرير الختان بالرأي القائل: جراحة الختان من العمليات الجراحية القديمة والتي لاتزال تجري إلى الآن وتعد من فروع العمليات الصغرى. وكانت تجري في كل أنحاء العالم، بدرجات متفاوتة ولأسباب مختلفة، في كل مراحل عمر الأنثى، وهي في عالمنا الإسلامي تعتبر امتثالاً للشرع،  لما فيها من إصابة الفطرة والاهتداء بالسنة التي حضت على فعلها دون فرق بين الرجال والنساء.

 وفق منظمات حقوق الإنسان

الختان عملية عنف تمارس ضد المرأة، في نظر المحافل الإنسانية، والمعنية بحقوق الإنسان، وبما أن الأمر يتم في مرحلة الطفولة بالنسبة للبنت، فهذه الممارسة تتعلق أيضا بتعنيف الأطفال، ومن هنا فإنها ( الختان) ممارسة عنف مزدوجة على المرأة في كافة مراحلها. علماً أن معاهدة الأمم المتحدة  لحقوق الطفل نصَّت على حثِّ الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير كافة لحماية الطفل من كافة أنواع العنف.

والمادة الخامسة من القانون العالمي لحقوق الإنسان، الخاصة بوقف التمييز ضد المرأة، تدعو إلى حثِّ الدول الأعضاء في الاتفاقية العالمية لحقوق الإنسان على ( إدخال تغييرات على التصرفات الاجتماعية والتقاليد بهدف وضع حد للتصرفات المروجة لتفوق وعلو أحد الجنسين على الآخر) والمنظمات الحقوقية تنظر إلى الختان على أنه ممارسة تخلِّف أضرار كبرى بصحة الفتاة، إلا أن تلك القوانين والمعاهدات، فشلت لعدم تعاون الشريحة الاجتماعية، التي تتعرض لهذه الممارسة للحدِّ من هذا التقليد، وتجاهل السلطات لحملات التوعية بل ومناهضتها للحدِّ من توعية المجتمع.

آراء في الختان في القاهرة

تقول الفتاة( ر- د) أن الختان غير مطلوب شرعاً والقرآن الكريم لم يذكر شيئا عن الختان، وإلا كانت فتيات العالم المسلمات غير المختونات كلهن يرتكبن الفاحشة.

أما الطالبة الجامعية ( ج- م) فتقول أنه ظلم للفتاة ويؤذيها ولا يحيمها وإذا كانت مثل هذه السلوكيات تمارس للحد من الفاحشة والرذيلة، إذا فليقطع لسان الكاذب وتقطع يد السارق، وتقطع رجل الرجل، الذي يرتكب الفاحشة لأنه يذهب إليها.

أما الطفلة ( م – ع) المختونة حديثاً حين رأيتها  أول مرة في القاهرة، فكانت تتألم وهي تمشي بصعوبة، قالت: أنا أتألم وقد تلوث سروالي بالدم، لأن تلك السيدة المسنة جرحتني بالموس.

داعش يفتي بالختان

لم تسلم نساء العراق من فتاوي داعش، هذه المرة كانت الفتوى( الختان )بعد أن أصدر فيما مضى العديد من الفتاوى التي تتناسب مع ممارساته مثل نكاح الجهاد وغيرها من الفتاوي.

بعد أن بسط تنظيم الدولة الإسلامية( داعش) سيطرته على الموصل، بزعامة أبو بكر البغدادي الذي نصَّب نفسه خليفة للمسلمين، أصدر هذا التنظيم فتوى جديدة على سكان المنطقة وهو الختان .

هذا التقيد الذي يتم ممارسته حتى الوقت الراهن، في معظم دول إفريقيا وشرق آسيا، لكنه بكل تأكيد جديد على العراق وجاراتها من البلدان العربية، وهو أمر يدعو إلى القلق الشديد لأن ممارسة الختان في هذه المنطقة، ليس من نتاج الموروث وإنما هو فرمان أصدره داعش، للإمعان في بسط سيطرته الكاملة على المنطقة، دون ترك أية ثغرة قد تشكل عقبة أمام امتداده.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أصدرت قراراً يهدف إلى إنهاء الختان في المناطق التي تمارس فيها منذ عقود، وجعل يوم السادس من شهر شباط من كل عام يوماً عالميا للحدِّ من هذه العادة البغيضة. لكن بالرغم من ذلك فقد أصدر هذا التنظيم فتواه، بفرض الختان على ما يقارب ال4 ملايين امرأة وفتاة في الموصل على اختلاف الديانة.

لذلك فقد أوصت اليونيسيف متمثلة بمديرها التنفيذي( أنتوني ليك) بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، لإنهاء ختان الإناث، لأنها تشكل مظهراً قاسياً من مظاهر العنف ضد المرأة، والمخاوف تتزايد من أن تتحول هذه الممارسة إلى تقليد عالمي.

 منظمة الصحة العالمية

الختان يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة، وهو يعكس انعدام المساواة بين الجنسين، ويشكل صورة مفرطة في التمييز ضد المرأة، وتنتهك هذه الممارسة حق الشخص في التمتع بالصحة والأمن والسلامة البدنية، وحقه في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أو الإنسانية أو المهنية، وحقه في الحياة حين تفضي هذه العملية إلى الموت.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »