Search
Close this search box.

القرار 1325 … هل حان وقت تفعيله؟

القرار 1325 … هل حان وقت تفعيله؟

 سحر حويجة

في الحروب يطال الدمار والموت كل شيء، لكن من يدفع الثمن الأكبر هم الفئات الأضعف في المجتمع من نساء وأطفال، كونهم يشكلون أغلب المدنيين العُزل من السلاح، حيث تقضي الأعراف الدولية والقانون الإنساني الدولي، و حقوق الإنسان حمايتهم من قبل الأطراف المتقاتلة. إلا إن جنون الحرب والوسائل المدمرة العمياء التي تستخدم، وتطرف الفكر وظلامه، ورغبة القضاء على الطرف الآخر على أنه عدو، على أمل القضاء عليه وإلغاء وجوده، يترافق هذا القتال مع صعوبة أي رقابة دولية أثناء القتال، وبالتالي عدم فعالية القرارات والقوانين الدولية الناظمة للحروب وحماية المدنيين.

من بداية الصراع المسلح في سوريا يبدو العالم مراقباً متفرجاً، و المواثيق الدولية والقرارات في الأدراج لا قيمة لها، حتى لا يظهر العجز الدولي وتخاذله مكشوفاً بمواجهة ضحايا الصراع من المدنيين الأبرياء وآثارها المدمرة بالنسبة للفئات ضحايا الحرب. ومن ينجو من الموت يتعرض لكل أشكال الاضطهاد والحرمان والحصار والتجويع والفقر، حتى يصل بهم المطاف إلى اللجوء أو النزوح، أو التشرد إضافة لكل ذلك تتعرض المرأة للانتهاكات الجنسية المتصلة بالنوع الاجتماعي كونها امرأة مثال جرائم الاغتصاب والاتجار بالبشر، وتزويج القاصرات جرائم تتزايد أثناء الحروب، بالإضافة إلى كونها جرائم جنسية فهي وسائل انتقام مصدرها الحقد الدفين لبث الذعر والخوف.

بعد كل الخسارات المادية والمعنوية والروحية التي تدفعها النساء، من الطبيعي أن تكون النساء قوة داعية للسلام. مهما طال أمد الحروب لابد أن تضع أوزارها، غير أنها ستترك ندوباً وجراحاً عميقة، يحتاج علاجها إضافة إلى عامل الزمن جهداً ووعياً من المجتمع ككل وخاصة نساءه، اللواتي أصبحن الكتلة الأكبر في المجتمع نتيجة اختلال التوازن السكاني بين أعداد الرجال والنساء، ستواجه المرأة واقعاً جديداً بعد أن تكسرت قيود وممنوعات ومحرمات فرضتها ظروف الحرب على النساء، وسوف تجد المرأة نفسها تواجه الواقع الجديد، كقوة فاعلة، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

إن ما دمرته الحرب أضعف كل مكونات المجتمع، التدمير الذي طال كل شيء، يقابله إعادة البناء، و أصبح الواقع مفتوحاً على تغيير يشمل كل أسس الدولة والمجتمع المتداعية.

بدأت المؤتمرات الإقليمية والدولية تتوالى، على أمل إيجاد حل للوضع السوري، لابد أن تكون وفي النهاية ستكون الهيئات الدولية أمم متحدة مجلس أمن هي الغطاء لأي حل سياسي قادم و من الطبيعي أنها تملك القدرة على فرض بعض شروطها على أطراف النزاع، عبر تفعيل قرار أو زيادة مشاركة المرأة السورية في المفاوضات وغيرها.

وسوف تعمل هيئات المجتمع الدولي على تفعيل وتسليط الضوء على قرار مجلس الأمن رقم 1325 الذي يجد طريقه للتطبيق بالتوافق مع مرحلة التفاوض من أجل وقف الحرب، أو مفاوضات السلام، وبعدها العمل على الحفاظ على السلم، ومنع نشوب نزاعات تهدد السلام الذي تم الاتفاق عليه بعد المفاوضات، وصيانته وفي عملية إغاثة النساء وحمايتهن، حتى التعافي من الحرب. وما تركته من آثار على النساء. جوهر القرار 1325 لعام 2000 وهو عبارة عن وثيقة من 18 بنداً غايتها مراعاة المنظور الجنساني التي تقضي بمشاركة واسعة للنساء. في المفاوضات من أجل السلام وفي حفظ السلام ومنع نشوب النزاعات.

في تلخيص لأهم مطالب القرار نجد:

أن البنود الأربعة الأولى تتلخص بمطالبة الأمين العام للدول الأعضاء على ضمان زيادة تمثيل المرأة في صنع القرار، على مستوى المؤسسات الدولية والإقليمية والمحلية لمنع الصراعات وإحلال السلام، ويقضي بوضع خطة إستراتيجية تدعو لزيادة مشاركة المرأة في جميع مستويات صنع القرار، و في عمليات حل الصراع وإحلال السلام. والمطالبة بتعيين ممثلات من قبل الدول الأعضاء خاصات للقيام بالمساعي الحميدة باسم الأمين العام للأمم المتحدة، والعمل على زيادة دور المرأة في عمليات الأمم المتحدة الميدانية بين المراقبين العسكريين والشرطة المدنية وموظفي حقوق الإنسان والمساعدة الإنسانية.

في البند الخامس يدعو إلى مراعاة المنظور الجنساني في جميع العمليات الميدانية، بما يخدم الإسهام بدرجة كبيرة في حفظ السلام والأمن الدوليين.

عنصر الحماية في البند السادس: من خلال مواد تدريبية ومبادىء توجيهية بشأن حماية المرأة وحقوقها واحتياجاتها الخاصة، للأفراد العسكريين وأفراد الشرطة المدنية تمهيداً لنشرهم.

في البند السابع تأمين الموارد المالية والدعم التقني لتغطية جهود التدريب المراعية للمنظور الجنساني، إضافة إلى الصناديق المختصة في الأمم المتحدة مثل صندوق الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وغيرها من الهيئات.

البند الثامن يتضمن بعض الإجراءات التي يجب تطبيقها من قبل الأطراف المعنية في التفاوض على اتفاقيات السلام وعلى تنفيذ هذه الاتفاقات من خلال الأخذ بمنظور جنساني يشمل مراعاة الاحتياجات لخاصة للمرأة والفتاة أثناء الإعادة إلى الوطن، في عملية التوطين وما يحتاجه النساء من إعادة تأهيل وإدماج وتعمير بعد انتهاء الصراع. ومشاركة السكان المحليين ومبادرات السلام المحلية عبر دعم مبادرات النساء،.وإيجاد آليات إشراك المرأة في جميع آليات تنفيذ اتفاقيات السلام.

ومطالبة الأطراف الفاعلة المعنية عند التفاوض، احترام حقوق الإنسان للمرأة والفتاة، خاصة ما يتعلق منها بالدستور والنظام الانتخابي والشرطة والقضاء.

البند التاسع : مطالبة أطراف الصراع المسلح أن تحترم احتراماً كاملاً القانون الدولي المنطبق على حقوق النساء وحمايتهن باعتبارهن مدنيات، ولا سيما الالتزامات المنطبقة على هذه الأطراف بموجب اتفاقيات جنيف 1949 واتفاقية اللاجئين لعام 1951 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

في البند 11 حماية المرأة من العنف القائم على أساس الجنس والتشديد على وضع حد لإفلات الجناة من العقاب واستثناء المجرمين من أحكام العفو. إضافة إلى بنود تتناول آلية تنفيذ القرار ودعم مشاركة المرأة وإجراء أبحاث حول تأثير العنف على المرأة، من قبل الهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة.

إذن وفق مخطط عام لمراعاة المنظور الجنساني صدر القرار 1325 واعتبر نصراً و مناصرة لقضايا المرأة وكان القرار الأول لمعالجة الأثر الفريد للنزاع المسلح على المرأة، وكمتابعة للقرار اعتمد مجلس الأمن القرار 1889 بهدف تعزيز مشاركة المرأة بعمليات السلام ووضع مؤشرات للتقدم في تنفيذ القرار 1325 كما اعتمد مجلس الأمن القرار 1820 الذي اعترف بأثر العنف الجنسي في النزاع وعلى وصفه أنه أداة من أدوات الحرب القرار 1820 يعزز القرار 1325 ويعتبر أن العنف الجنسي في حالات النزاع يشكل جريمة حرب، ويطالب أطراف النزاع المسلح أن تتخذ على الفور حماية المدنيين من العنف الجنسي بما في ذلك تدريب القوات المكلفة بحفظ السلام.

أما القرار 1888 جاء متابعة للقرار1820 وهو يكلف بعثات حفظ السلام بحماية المرأة والأطفال من العنف الجنسي أثناء النزاع المسلح. وعلى تشديد الرقابة في مناطق النزاع.

أكرر أنه كلما اقترب الحل سوف يتم تسليط الضوء على القرار 1325 و على القرارات الداعمة له، حيث تتوفر ظروف وإمكانيات تطبيقه، المرهون ليس بالإرادة الدولية فحسب، بل بقدرة المنظمات النسائية على الضغط وكسب المناصرة والتذكير بالقرار وتفعيله بما فيه خدمة قضايا المرأة.

 “خاص شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »