لن أصدق أنه رحل حتى أرى جثته

لن أصدق أنه رحل حتى أرى جثته

logorodeachtergrond

اسمي ليلى وأبلغ من العمر 54 عاماً، أعيش بمدينة اللاذقية. في يوم صيفي من شهر أب عام 2013 أردت محادثة ابني فؤاد عبر هاتفه المحمول فوجدته مغلقاً، وظننت أن الأمر طبيعي، فأحياناً يغلق فؤاد هاتفه، لاسيما أثناء تواجده في المحاضرة، فهو طالب جامعي، يبلغ من العمر 19 عاماً، ويدرس الموسيقى في جامعة البعث بمدينة حمص.

توالت محاولاتي وفي كل مرة أجد هاتفه مغلقاً، وبعد مضي ما يقارب الخمس ساعات شعرت وكأن هناك خطراً يحدق بولدي، ويعصر قلبي خوفاً عليه.

تماثلت عقارب الساعة معلنةً حلول منتصف الليل وهاتفه مازال مغلقاً، لينذرني أن ابني بات في خطر لا محال، ومن دون تفكير تواصلت مع أصدقائه عبر الهاتف فقال لي أحدهم: ” قام الأمن العسكري باعتقال فؤاد في الجامعة.”

شعرت بألم يمخر صدري ويحرقني،  وتراءت لي  ظلال السجن وابني حبيس داخل جدرانه، بينما ينهال سجانوه عليه ضرباً ولكماً وهو يصرخ ليصم آذان السماء.

تواصلت مع أصدقائي وأقاربي علهم يساعدوني في إخراج ابني من المعتقل، ولكن محاولاتي لم تفلح، كما عينت له محامياً فتحجج أنه لا يستطيع الدفاع عن ابني طالما لم يتم تحويله للجهات القضائية من أجل محاكمته.

في إحدى المرات رن هاتفي وجاءني صوت غريب يخبرني أنه صديق فؤاد وقد التقى به في السجن، وأكد لي أنه تم تحويله إلى فرع فسلطين في دمشق، يومها نصحني المحامي بأن أسافر إلى دمشق وأقدم له طلب استعجال لعرضه على “محكمة الإرهاب” والبدء بإجراءات محاكمته.

وجدت نفسي في دوامة، وبين الحين والآخر أحزم حقائبي وأتوجه إلى دمشق وأقصد وزارة العدل، بهدف تقديم طلبات رسمية ما بين “استعجال قضاء” تارة، وطلب “مفقود” تارة أخرى، علي أستطيع التأكد من مكان فؤاد، غير أنني كنت دائما أعود بخفي حنين إلى اللاذقية. وانتهى بي المطاف في مبنى “الشرطة العسكرية” حيث يتم تدوين أسماء الذين لاقوا حتفهم في السجون والمعتقلات، للتأكد في حال كان فؤاد ما يزال على قيد الحياة واسمه ليس مدوناً في سجلاتهم.

على هذا المنوال بقيت ما يقارب السنة والنصف، بين الفينة والأخرى أسافر إلى دمشق وأقصد مبنى “الشرطة العسكرية” لأسأل عن ولدي إن كان في عداد الوفيات.

في شهر نيسان 2015 اتصل أحد الأصدقاء النافذين في النظام السوري وأخبرني أن ولدي قد توفي بتاريخ 22/6/2014. يومها عدت للدوامة نفسها، شعرت أن جزء مني قد رحل إلى الأبد، وكأنني جبل تفتت إلى حصى صغيرة.

في تاريخ 15/10/2015 سمعت صوت فؤاد يناديني، ومن دون تردد سافرت إلى دمشق في اليوم التالي، وطرقت أبوب “الشرطة العسكرية”  على أمل الحصول على ورقة كتب عليها اسم ابني  ضمن سجل الوفيات.

وما زلت مصممة على طرق أبواب الشرطة العسكرية، علي أحصل على ورقة تم تدوين اسم فؤاد فيها، وهكذا دواليك…

 بالاشتراك مع منصة “نساء سوريا”

ملاحظة: من يود قراءة القصة عن المنصة يرجى ضغط اللوغو اعلاه.

مشاركة

One Response

  1. مأساة سورية المستمرة يجب ان تبقى هذه مهمتنا الوطنية الاولى بالبحث عن كافة المغييبين قسرا ..ونرجوا خبرا طيبا لك ايتها الام السورية الحرية لكل شباب سورية التي لم يهدنا هذا النظام الوغد سوى الاسى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »