Search
Close this search box.

“متحف رقميّ للنساء” لتوثيق قصص كفاح وبطولات المرأة المصريّة في ثورة 25 كانون الثاني/يناير

“متحف رقميّ للنساء” لتوثيق قصص كفاح وبطولات المرأة المصريّة في ثورة 25 كانون الثاني/يناير

خالد حسن*

أنشأت ياسمين إبراهيم، وهي ناشطة حقوقيّة في مجال حقوق المرأة وإحدى الفتيات الّلواتي حلمن بفكرة ونجحن في تنفيذها في 16 يونيه عام 2013، متحفاً رقميّاً على شبكة الإنترنت لتوثيق دور النساء في نجاح ثورة 25 كانون الثاني/يناير عام 2011، عندما ثار الشعب على نظام الرئيس الأسبق محمّد حسني مبارك، تحت شعار “العيش والحريّة والعدالة الإجتماعيّة”، وأسمته بـ”المتحف الرقميّ للنساء”، وهو يجسّد قصص كفاحهنّ وتضحياتهنّ أثناء الثورة.

وفي هذا السياق، قالت ياسمين إبراهيم لـ”المونيتور”: “المتحف هو نظام معلوماتيّ ثابت ومتجدّد، متاح على الإنترنت، يتكوّن من أربعة أقسام، هي: النساء والسياسة، النساء والإقتصاد، النساء والثقافة، والنساء والحياة الإجتماعيّة، نستقبل فيه كل فتاة قامت بدور بطولي أثناء الثورة، نستمع إليها، ونطلب منها كتابة قصتها، وطبيعة الدور الذي قامت به، لنعرضه على المتحف في الحال، حتى يعلم الجميع حجم تضحياتهن خلال الثورة، وذلك باستخدام التكنولوجيا الرقميّة مثل الصور، الفيديو، الملفّات الصوتيّة، والجرافيك، كما إننا أسسنا منتدى تفاعلي يتيح للنساء المناقشة في جميع مناحي الحياة” الإقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة بهدف تمكين النساء في مصر”، وأضافت:””نقتصر على استقبال قصص النساء وكفاحن أثناء الثورة المصرية، والفترة التي أعقبتها، لأن تلك الفترة فارقة في تاريخ مصر، ولابد أن  يعلم الأجيال القادمة، ماذا قدمت المرأة المصرية لمصر.

وأرجعت سبب إنشاء المتحف إلى إهدار حقوق المرأة المصريّة وإنكار دورها التاريخيّ أثناء ثورة 25 كانون الثاني/يناير، فقالت: “قدّمت النساء حياتهنّ فدائها، صرخت في ميادين مصر ضدّ الظلم والفساد والتهميش، ثارت  ضدّ نظام فاسد، طالبت بحياة كريمة، بالحريّة، والعدالة الإجتماعيّة، ثارت ضدّ عزلتها، الّتي نادت بها ورسّخت لها كلّ الأنظمة الّتي مرّت على مصر، فكانت ملاصقة للرجل من دون فرق بينهما، اعتصمت في ميدان التحرير بكلّ شجاعة وقوّة، ورفضت العودة إلى منزلها، وصمّمت على البقاء في الميدان لمدّة 18 يوماً كاملاً، منذ 25 يناير وحتّى 11 فبراير بسقوط مبارك وإعلان اللواء الراحل عمر سليمان نائب رئيس الجمهوريّة آنذاك، تولي القوّات المسلّحة ادارة شؤون البلاد في المرحلة الإنتقاليّة”.

في داخل المتحف،  يوجد محور يسمى بـ “بروفايل” وهدفه تقديم صورة تعريفية عن مناضلات الثورة سواء كان هذا النضال سياسي أو اجتماعي أو فني، ومن بينهما، دعاء العدل، التي يطلق عليها، ريشة الثورة، حيث كانت تدون على حائط ميدان التحرير، “مفجر الثورة”، كفاج الشباب من أجل غداً أفضل.

تقول دعاء لـ المونتور، “شاركت في أحداث الثورة منذ بدايتها، كنت أعتصم في ميدان التحرير أياماً طويلة، كسرنا في هذا اليوم حاجز الخوف والصمت، رفضنا العودة من الميدان إلي منازلنا، بالرغم من اتهامات ممارسة الجنس داخل الخيام من أعداء الدولة المصرية، وأعوان النظام السابق، ولا يعلموا أن شباب الميدان أطهر وأنقى منهم”

وتكمل” دفعنا الكثير من سمعتنا داخل الميدان، ورفضا الانصياع لكلمات لا تهدف إلا للنيل منا، حتى نعود إلي منازلنا، ويستمر مبارك وأعوانه في الحكم، ولكنا رفضنا، ونجحنا في النهاية في ثورتنا.”

كل من سكن الميدان يوماً من الأيام الثماني عشر الشهيرة يعرف وجهها جيداً، أو بالأحرى يعرف صوتها الذي طالما هز أركان الميدان، بهذه الكلمات ترصد ماجدة قصة كفاحها على متحف النساء، فتقول” .”اعتدت أن أقف بالساعات في طابور الخبز، لأعود بعدها إلى منزلي فأحضر الطعام لزوجي، فالخبز المليء بالحصى والتراب ونشارة الخشب هو زادنا اليومي ولا بديل عنه، توقفت لأتساءل من السبب في هذه المعاناة اليومية، ومن الذي يجب محاسبته، فلم أجد رداً على تساؤلاتي إلا اسم مبارك، وعندما اشتعلت الثورة شعرت أن مكاني هناك في الميدان، وتوجهت إليه فعلاً لأول مرة يوم 31 يناير 2011، انقلبت حياتي رأساً على عقب، صرت أقضِ الليالي في نظم الهتافات، تجمع حولي المتظاهرون، ورددوا خلفي، شعرت حينها  أنني حرة ومنتصرة.”

وتعود أصل الفكرة، كما قالت إبراهيم لـ “المونيتور”، إلى ندرة الأعمال التاريخيّة المتاحة للنساء في المشاركة السياسيّة خلال الفترة الممتدّة بين 1800 و1900، باستثناء معلومات قليلة عن السيّدة نازلي فاضل إبنة مصطفى باشا فاضل، الّتي كانت تعقد صالوناً ثقافيّاً مع الكتّاب والمثقّفين، أثناء الثورة العرابية، وتحديداً عام 1879، لمناقشة الأوضاع السياسيّة. ولم يذكر التاريخ أيّ شيء آخر لإسهامات المرأة في تلك الفترة بين 1800 و1900، وذلك اكتشفته بمحض الصدفة عندما كانت تعدّ ورقة بحثيّة لمؤتمر أعلنت عنه جامعة أوما السويدية” Umeå University”عام 2008،  لمناقشة أدوار النساء في الحياة السياسيّة خلال الفترة التي تقع بين 1800 و1900، وسمحت الجامعة للناشطات والحقوقيات بالتوجه إليها لمناقشة دور المرأة فى مجتمعاتهم .

لم يتوقّف حلم إبراهيم عند هذا الحدّ بعد أن نجحت فكرتها، وأسست المتحف عام 2013، وحصولها على جائزة المركز الدولي للصحفيين، واختيار متحفها، ضمن أفضل 8 مبادرات اعلامية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،  فجاءت فكرة إنشاء متحف في وسط القاهرة للمرأة أيضاً، يستقبل زائريه من كلّ أنحاء العالم، وشجّعتها على ذلك الحملة التطوعيّة الّتي شاركتها في الرحلة منذ إنشاء المتحف الرقميّ، المكوّنة من 20 شاباً وفتاة، ممن شاركوا في الثورة، وشاهدوا بأنفسهم التضحيات التي بذلتها النساء من أجل إنجاحها، فمن بينها صور صراخ الفتيات في ميادين مصر، وأخرى وهم يرسمون بأيدبهم على حوائط ميدان التحرير، وأيضاً وهم يرفعون أعلام مصر من شرف منازلهم، ويهتفوم بالحرية، وتم وضع هذه اللوحات في المتحف الرقمي، كجزء أصيل من كنوزة، بالاضافة إلي الي قصص النساء المعروضة به، ولم يتقاض هؤلاء الشباب أي أموال مادية، وأنضموا للمتحف فور إعلان ياسمين عن البدء في تنفيذه واحتياجها لمتطوعين.

وقالت إبراهيم: “لديّ حلم أن يأتي اليوم الّذي تخرج المرأة فيه إلي الحياة العامّة من دون أن تشعر بخجل، وأن يكون لديها الحقّ في تولّي مناصب قياديّة عليا في البلاد، كأيّ دولة متقدّمة، خصوصاً أنّ الدستور الحاليّ يعطي الحقّ للمرأة في المشاركة السياسيّة، ولكن الموروثات تسيطر على ما تضمّنه من موادّ”.

وتنصّ المادّة 11 من الدستور المصريّ على كفالة الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في كلّ الحقوق المدنيّة والسياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة والثقافيّة، وإتّخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابيّة‏ وحقّها في تولّي الوظائف العامّة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائيّة من‏ دون تمييز ضدّها. كما تلتزم الدولة بحماية المرأة ضدّ كلّ أشكال العنف‏.

وفي سبيل تحقيق حلمها، غادرت إبراهيم إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة عام 2008،  في منحة لمدة مدّتها 6 أشهر، تستهدف الأفراد من محتلف الدول، بشرط أن يتقدم بفكرة تنموية، قابلة للتنفيذ، وتحصل على موافقة، وذلك بهدف خلق قادة جدد ومساعدة المشاركين في تنفيذ أيّ مشروع يرغبون فيه وإدارته، وتقدمت ياسمين بفكرة المتحف الرقمي للنساء ووقع الاختيار على مشروعها باعتباره أفضل الأفكار الّتي تعبّر عن قضايا النساء .

بعدها، عادت إبراهيم، بعد أن أثقلت مهاراتها القياديّة، فقامت بالاستعانة بفريق من المتطوّعين، وأنهت دراسات الجدوى الخاصّة بالمشروع، لتبدأ خطواتها الأولى في إنشاء المتحف،”الخطوات الأولى تبدء بالحصول على ترخيص من الجهات الحكومية” إلاّ أنّها لم تنجح في تنفيذ مشروعها حتّى الآن”مشروعها هو انشاء متحف بوسط القاهرة يستقبل الزوار من مختلف دول العالم ليروا عظمة المرأة المصرية بالاضافة الى وجود المتحف الرقمي الذي أنشأته، منذ أن أنشأت متحفها الرقميّ في عام 2013 وحتّى الآن، بحسب ما قالت.

إنّ البيروقراطيّة وضعف التمويل، هما أكبر مشكلتين واجها المشروع، وقالت إبراهيم: “طيلة العامين الماضين، وأنا أحاول أن أستخرج التراخيص والتصاريح اللاّزمة لإنشائه في القاهرة، نجحت في حلّ مشكلة التمويل ووجدت أشخاص كثيرة ترحب الفكرة وتعرض علي تمويلها، بعد أن أعجبتهم الفكرة، ولكن الحكومة المصريّة ممثّلة في وزارة التضامن الإجتماعيّ تماطل في إصدار التراخيص، رغم أنّ القانون يعيطنا الحقّ في إصدار ترخيص لنا، حيث ينص قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002، على أحقية أي شخص في انشاء جمعية أو مؤسسة تتخذ لمركز إدارتها مقراً ملائمًا في جمهورية مصر العربية، طالما لم يصدر ضده حكم نهائي بعقوبة جنائية، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولكن الوزارة ما زالت تماطل في اصدار التخيص لنا”.

وختمت إبراهيم حديثها لـ”المونيتور” فقالت: “مستمرّون  للنهاية، ولن نيأس وواثقون في تحقيق حلمنا يوماً ما”.

عن موقع “المونيتور”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »