سيداو – CEDAW

سيداو – CEDAW

نبال زيتونة

سيداو : هي اختصار اتفاقية (القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، مكوناً من الأحرف الأولى للاتفاقية باللغة الإنجليزية:

(Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women).

 جاءت الاتفاقية خلاصة ثلاثة عقودٍ من العمل المضني والمتواصل لمركز المرأة في الأمم المتحدة من أجل تحسين أوضاع المرأة ونشر ثقافة حقوقها.

كانت البداية عام 1967، عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة. وفي العام 1972 استطلعت لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة رأي الدول الأعضاء حول شكل ومضمون اتفاقية دولية بشأن ضمان حقوق المرأة/ الإنسان.

وقد باشرت اللجنة المعيّنة في مركز المرأة عام 1974 صياغة اتفاقية بشأن القضاء على التمييز ضد المرأة، وظلت تعمل لسنوات، إلى أن أنهت إعداد الاتفاقية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979، بعد عرضها للتوقيع والتصديق والانضمام بالقرار 180/34. ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 3 أيلول/ سبتمبر 1981، بعد موافقة 50 دولة على التصديق عليها، فكانت وثيقة حقوق دولية للنساء.

كانت السويد من أولى الدول التي وقعت الاتفاقيّة، وذلك بتاريخ 2 تموز/ يوليو 1980، إضافةً إلى عشرين دولة أخرى. وبحلول أيار/ مايو 2009، انضمت إلى الاتفاقية 186 دولة أخرى، آخرها قطر. إلا أنّ بعض هذه الدول كان لديها تحفّظات على بعض بنود الاتفاقيّة.

هناك ستّ دول لم تصادق على الاتفاقيّة، أهمّها الولايات المتحدة الأمريكية (بدعوى أنّ الكونغرس الأمريكي أقرّ عدم فرض أيّ تشريعاتٍ خاصة بالأحوال الشخصيّة، ويعدّ ذلك نوعاً من التدخّل في الشؤون الداخليّة للولايات المتحدة، إضافة إلى اعتبار قضايا الأحوال الشخصيّة ومنها تحديد النسل، شأناً شخصيّاً لا ينبغي للقوانين أن تحكمه).

ومن الدول التي لم تصادق على الاتفاقيّة أيضاً: (السودان، الصومال، إيران، تونغا، الفاتيكان).

وكانت سوريا من أواخر الدول التي أعلنت انضمامها إلى اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وذلك بالمرسوم التشريعي ذي الرقم (333) بتاريخ 26/9/2002، لكن مع جملةٍ من التحفّظات على أهمّ موادّها، يمكن تلخيصها بالآتي:

المادة التي تتضمن تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدساتير الوطنية والتشريعات والقوانين، وضمان الحماية القانونية لها من أيّ فعل تمييزي يصدر عن منظمة أو مؤسسة أو شخص، والعمل على تبديل القوانين والأنظمة والأعراف بما يتناسب مع ذلك. كما في المادة المتعلقة بمنح المرأة حقاً مساوياً للرجل في منح جنسيتها لأطفالها. إضافة إلى المادة التي تمنح المرأة حقاً مساوياً للرجل فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم. وما يتعلّق بمنح المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في الزواج والطلاق والولاية والقوامة والوصاية، كذلك الحقّ في اختيار اسم الأسرة، المهنة والوظيفة، وفيما يتعلّق بتحديد سنٍّ أدنى للزواج، وتسجيله إلزامياً. كما في المادة المتعلقة بتحكيم أيّ خلاف ينشأ بين دولتين فيما يتعلق بهذه الاتفاقية.

هذا وقد ظهرت جملة من التحفظات مع التصديق على اتفاقية سيداو، وهي تحفظات تكررت في أكثر من إعلان انضمام للبلدان العربية، وشملت التحفظات أساساً مواضيع راهنة مهمة، يتعلق بعضها بتنظيم تشريعات الأسرة، ويتعلق بعضها الآخر بالحضانة والوصاية والولاية والقوامة والإرث وجنسية الأبناء وزواج الأطفال وتعدد الزوجات والحقّ في الطلاق والنفقة وزواج المسلمة من غير المسلم.

أمّا التصديق والانضمام لاتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، فيُعدّ خطوة نحو بناء تشريعات، أو الانخراط في تشريعات دوليّة تساهم في بناء الدولة الحديثة.

ويلعب المجتمع المدني مع الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة دوراً في إلغاء أشكال التمييز ضدّها، وتقوم هذه الأطراف بدور مراقب وبتقديم تقارير الظل للجنة السيداو التي تسبق الاجتماعات الدوريّة، التي يتمّ على أساسها وعلى أساس تقارير الدول مناقشة كافة التقارير أثناء الاجتماعات الدورية الشاملة.

تكمن أهمية اتفاقية سيداو في أنها أدرجت قضايا التمييز ضد المرأة ضمن أهداف الأمم المتحدة وأولوياتها، في محاولة لإحداث تغييرات حقيقية في أوضاع المرأة حول العالم. وقدّمت هذه الاتفاقية حلولاً لمعالجة قضايا التمييز ضد المرأة في شتّى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومنها المساواة أمام القانون، من خلال اتخاذ التدابير الإيجابية المؤقتة أو ما سمي بالتمييز الإيجابي (الكوتا) للتعجيل بتحقيق المساواة فعليّاً، وضرورة اتخاذ الدول التدابير المناسبة للقضاء على الأدوار النمطية للجنسين.

تتكوّن الاتفاقيّة من خمسة أجزاء، تحوي في مجملها 30 بنداً. وتعرِّف الاتفاقيّة مصطلح التمييز ضدّ المرأة بأنه:

أيّ تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتمّ على أساس الجنس، ويكون من آثاره عدم الاعتراف بحقوق المرأة كإنسان في الحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، أو في أيّ ميدان آخر، وتمتعها بهذه الحقوق وممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية، على أساس المساواة بينها وبين الرجل.

وقد وضعت الاتفاقيّة على جدول أعمالها العمل على الحدّ من التمييز على أساس الجنس، كما أنّ الدول المصدّقة على الاتفاقيّة مطالَبة بتكريس مفهوم المساواة بين الجنسين في تشريعاتها المحليّة، وإلغاء جميع الأحكام التمييزية في قوانينها، وسنّ أحكام جديدة للحماية من أشكال التمييز ضد المرأة. كما عليها إنشاء محاكم ومؤسسات عامة لضمان حصول المرأة على حماية فعّالة من التمييز، واتّخاذ خطوات للقضاء على جميع أشكال التمييز الممارس ضد المرأة من قبل الأفراد، المنظمات والمؤسسات.

وتتضمّن موادّها الثلاثون الآتي:

منع التمييز ضدّ المرأة من خلال كفالة مبدأ المساواة بينها وبين الرجل، والمساواة في التشريع والحماية القانونيّة للحقوق، والامتناع عن ممارسة التمييز ضدّها، واتّخاذ التدابير للمساواة وحماية الأمومة، واتّخاذ التدابير التي تكفل القضاء على التحيّز، وضمان المشاركة في الحياة السياسيّة بما يكفل حقّ الترشّح والانتخاب وصياغة السياسة العامة ومنظمات المجتمع المدني، وحقّ منح الجنسيّة أو التنازل عنها، أو منح الزوج والأبناء جنسيّتها، والقضاء على التمييز ضدّ المرأة في التعليم والوظيفة، وضمان الحريّة في العمل، والضمان الاجتماعي، وضمان الإجازات في حالة الحمل والولادة، وكذلك ضمان الرعاية الصحيّة والمساواة أمام القانون، وحريّة الزواج مع كفالة مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في فسخه.

وبموجب المادة 18 من الاتفاقية تمّ تشكيل “لجنة سيداو”، ومهمتها مراقبة التزام الدول المصادقة على الاتفاقية، حيث تتلقى هذه اللجنة تقارير دورية من الدول الأطراف على المستوى الرسمي الحكومي، وكذلك تتلقى تقارير على المستوى غير الحكومي من منظمات المجتمع المدني، يطلق عليها “تقارير الظل”، تحتوي على معلومات عن البلد الموقع على الاتفاقية، ومدى التزامه بها. وتوصي اللجنة باتخاذ التدابير وسنّ التشريعات بما يتماشى مع ما ورد في الاتفاقية من موادّ.

تتألف لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة (لجنة سيداو) من 23 خبيراً من مختلف المناطق، يتم انتخابهم لولاية مدتها أربع سنوات، حيث يتمّ ترشيح الخبراء من قبل حكوماتهم، ويتم انتخابهم من قبل الدول الأطراف اتفاقية سيداو. وعند انتخابهم يعمل هؤلاء الخبراء بصفتهم الشخصية، ولا يكونون عرضة للمحاسبة من جانب حكوماتهم.

تتلخّص مهمتهم في رصد تطبيق الدول للاتفاقية، من خلال النظر في التقارير التي تقدمها الدول الأطراف، بعد استعراض البلد المعنيّ.

كما تعمل لجنة سيداو على إعداد مجموعة من التوصيات، أو الملاحظات الختاميّة. هذه التوصيات تمكّن اللجنة من معالجة القضايا المعاصرة التي لا تأتي الاتفاقية على ذكرها بشكل صريح.

وتجتمع لجنة سيداو مرتين في السنة في نيويورك، للنظر في تقارير الدول الأطراف والتباحث بشأن المسائل التنظيمية وغيرها. وابتداءً من العام 2008، باشرت اللجنة الاجتماع بشكل متناوب في نيويورك وجنيف.

تلزم اتفاقية سيداو الدول الأطراف بتقديم تقرير إلى الأمين العام حول التدابير التشريعية والقضائية والإدارية، وغيرها من التدابير التي اعتمدتها لتطبيق اتفاقية سيداو في غضون سنة على نفاذ الاتفاقية. ثم على الأقل مرة كلّ أربع سنوات، أو بناء على طلب اللجنة، وتتم إحالة هذه التقارير إلى لجنة سيداو للنظر فيها، وقد تشتمل التقارير على العوامل والصعوبات التي تعوق تطبيق الاتفاقية.

وكانت اللجنة أصدرت مبادئ توجيهية جديدة لمساعدة الدول على إعداد هذه التقارير، حيث يجدر بالدول إعداد تقريرين سنويّاً.

أمّا الوثيقة الأساسية الموحدة، فتحتوي على معلومات حول الالتزامات المشتركة بين كافة هيئات المعاهدة، بما في ذلك الحقّ في المساواة وعدم التمييز. في حين تحتوي الوثيقة الخاصة بالاتفاقية على معلومات حول التزامات الدول الخاصة بهذه المعاهدة تحديداً.

ويتمّ النظر في التقارير من قبل لجنة سيداو وبحضور ممثلين عن البلد الذي أعد التقرير، بحيث يجوز لهم القيام بمداخلات إضافية. ويستطيع الأعضاء والأفراد طلب المزيد من التوضيحات بشأن أيّة قضية متصلة بالتقرير، أو المداخلة أو أهداف اتفاقية سيداو.

وتتعهّد كلّ دولة من الدول الأطراف عند تصديقها على الاتفاقية أو انضمامها إليها بموجب المادة (3)، أن تقدم في غضون سنة من بدء نفاذ الاتفاقية في تلك الدولة، تقريراً أوّلياً عمّا اتخذته من تدابير تشريعية أو قضائية أو إدارية أو تدابير أخرى من أجل نفاذ أحكام الاتفاقية، وعن التقدم المحرز في هذا الصدد، وأن تقدم بعد ذلك تقارير دورية كلّ أربع سنوات على الأقل، وكذلك كلما طلبت اللجنة.

هذا موجزٌ عن اتفاقية سيداو (القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة)، فهل تفلح المرأة في انتزاع حقوقها الإنسانيّة من خلال هذه الاتفاقيّة!

بالاشتراك مع مجلة “سيدة سوريا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »