Search
Close this search box.

“نسويات” … الفيمنيست الجدد والثورة الثانية

“نسويات” … الفيمنيست الجدد والثورة الثانية

ناهد بدوية

“نسويات”، اسم جمعية نسوية أسستها نساء يعرفن أنفسهن بالفيمنيست الجدد، ويدل اسم الجمعية الذي كتب بالمعنى العربي والحرف اللاتيني (Nasawiyat) على مكان منشأها الجغرافي، حيث نشأت “نسويات” في شمال افريقيا،  أسستها تونسيات ومغربيات ومصريات وجزائريات. تنتمي هذه الجمعية الى الموجة النسوية الثالثة بامتياز لا لأنها كسرت احتكار النساء الغربيات للنضال النسوي فحسب، بل لأنها دمجت النضال النسوي مع النضال من أجل الديمقراطية. لقد انطلقن من واقعهن المحلي ومشكلاته التي تنال من حرياتهن كنساء. وربما تذكرنا تلك الجمعية بالفيمنيست السود من الموجة النسوية الثالثة، حين رافقن نضالهن النسوي بالنضال ضد العنصرية، وانطلقن من تقاطع العرق مع الجندر. وهنا نشهد تقاطعاً من نوع آخر في النضال النسوي وهو تقاطع النظام السياسي مع الجندر، وبعبارة أخرى تقاطع النضال من أجل الديمقراطية مع النضال النسوي.

ترافق تأسيس هذه الجمعية مع بدايات الثورات العربية، وقد عبرت عن وعي النساء بأن الحرية لاتتجزأ وأنه يقع على عاتقهن عملاً اضافياً يخص قضاياهن كنساء، وخاصة عندما يسيطر عليها الاسلاميون. وعلى عكس بقايا الجمعيات من الموجة النسوية الثانية، تنتمي غالبية  أعضاء هذه الجمعية إلى عمر الشباب، طالبات وعاملات، مهندسات عمارة، شاعرات، صحفيات مهندسات زراعة.. الخ، ناشطات نسويات هن ببساطة مقاومات لكل محاولة للحد من حرياتهن ويناضلن من أجل المساوة الكاملة للجنسين كشرط ضروري لبناء مجتمعات ديمقراطية حقيقية.

تذهب مطالب هؤلاء النسويات الجدد الى أبعد من التغييرات القانونية، فهن يطالبن بالتغيرات الاجتماعية والثقافية ونبذ الأعراف السائدة التي تنال من قيمة المرأة وحريتها. كما تسعى هؤلاء الناشطات إلى إعادة الاعتبار للنضال النسوي بعد أن كان مقموعاً في ظل الأنظمة الاستبدادية والدكتاتوريات.

لقد رفضت هؤلاء الشابات مصير جداتهن  اللواتي شاركن بكل فعالية بثورات التحررالوطني، حين أرسل قادتها النساء إلى البيوت بعد انتصار الثورة. عادت النساء إلى بيوتهن تحت وطأة ذكورية أزواجهن، وظلم الأعراف السائدة في المجتمع لهن.  هؤلاء الشابات يصرخن منذ الآن: “كنا في الثورة وسنكون بعدها”.

وقد خصصت إذاعة فرانس كولتور كل يوم سبت، سلسلة من ثمانية حلقات أعدتها وأنتجتها شارلوت بيانئميه وأخرجتها أنابل بوارد. تضمنت الحلقات لقاءات مع نماذج متعددة لهؤلاء المناضلات اللواتي يقدن ثورة ثانية في عمق مجتمعاتهن. لذلك لم يكن مصادفة أن أول حلقتين كانتا مع فتاتين من تونس، موطن الشرارة الثورية الأولى من أجل الديمقراطية في المنطقة.

مبادرات جريئة

بعد الثورة التونسية، قررت غفران، 25 سنة، الالتحاق بالنساء الناشطات في منطقتها الزراعية “كيف”، الواقعة شمال شرق البلاد، ومثل جميع الشابات النسويات، لم تستطع غفران الانسجام مع الجمعيات النسوية من بقايا الموجة الثانية، وقالت عنهم بأنهم جمعيات نخبوية تعود نشأتهم الى عهد نظام بن علي. لذلك حاولت أن تعمل على نحو مختلف وأسست جمعية باسم “المرأة والمواطنة”  لمساعدة النساء الريفيات في دفاعهن عن حقوقهن.

وهذا ما فعلته زينب وشاهيناز في مصر بعد الثورة المصرية،  فقد أسستا جمعية في القاهرة لمكافحة التحرش الجنسي في الشوارع . ونظمتا  دروساً للدفاع الذاتي للفتيات بمواجهة هذه الظاهرة التي تعاني منها فتيات القاهرة.

وكذلك فعلت أمل من تونس  وجيهان من المغرب وفدوى من المغرب ومنية من تونس … الخ، تلك الشابات الجريئات بنضالهن بمواجهة  العرف الاجتماعي المتخلف … وهو النضال الأصعب بالنسبة للمرأة .

ولكن يبقى لنا أن ننتظر إلى جانب تلك المبادرات الجريئة حقا،  اضافة معرفية جديدة إلى سلة المعرفة النسوية  كما فعلت ناشطات الموجة الثالثة. من أمثال الكاتبة السوداء بل هوكس والبنغالية غاياتي شاكرافورتي  سبيفاك. ننتظر اضافة معرفية نابعة من ترافق عمق الارتباط بهموم الواقع المحلي مع امتلاك الأدوات المعرفية اللازمة لتطوير هذه الحركة وتأصيلها في المنطقة.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »