Search
Close this search box.

“أمّ سميح” تتحدّى الحصار

“أمّ سميح” تتحدّى الحصار

نجاة مرشد

التقيتها في اعتقالها الثاني، في اعتصام مستشفى الطلياني، تنديدا واستنكارا لمجزرة الحولة التي كان غالبيّة ضحاياها من الأطفال.. توطدت العلاقة بيننا عندما شتمها عنصر اﻷمن، وصرختُ به “يلي بهين واحدة منّا كأنه أهاننا جميعاً”.. وسألتها لماذا يكيل لك كلّ هذه الشتائم؟!.. قالت ﻷنني فلسطينية وزوجي سوري، وﻷن هذ الاعتقال الثاني لي.. كنا نحمل شموعا فاعتقلوني مدة ثمانية أيام..

كانت الروح أوالطاقة الإيجابية بيننا.. أملها كبير وحبها أكبر لسورية وأهلها التي احتضنتهم بوقت نكبتهم.. وتقول الم سورية ألمنا كلنا!.. بقينا أسبوعين وكل تحقيق كانت تدعى إليه تأتي خائفة ومصفرّة لتقول لنا ﻷنها فلسطينية كال لها الشتائم وهددها باعتقال وتعذيب زوجها وابنها طالب الطب سنة ثالثة.

لم تخف عليهم وتقول السجن للرجال، بل كانت خائفة على ابنتها الطالبة في الثانوية.. خرجنا معا وبقينا على تواصل وتنسيق بعملنا الاغاثي والنسوي، كانت تحمل الطعام والدواء ﻷماكن يصعب للرجال الوصول إليها، بعد فترة تتصل بي وتقول اعتقلوا زوجها وابنها وهي لم تستطع التحرك خوفا من مراقبتها واعتقالها، لم تبقَ طويلا حاك أحدهم مؤامرة واعتقلوها، فقد اتصل أحدهم بها وقال عطاني رقمك ابو فلان كي تساعدينا، نحن تشردنا ونبيت في الشوارع. قالت نلتقي كي أعطيك مبلغا تؤوي عائلتك وتستأجر بيتا، وفي المكان المحدد كانت سيارة أمن بانتظارها، اقتادوها من هناك حيث تنقّلت بين فروع أمنيّة عدّة، بقيت ما يقارب الشهرين، قبل تحويلها لمحكمة الإرهاب، ثم خرجت منهكة، جسدها فقد مقاومته بسبب التجويع والضرب والتعذيب، والتهديد برميها لإسرائيل ليعملوا بها كذا وكذا.

التقيتها بعد مدّة، واطمأنيت عليها، وكانت تتماثل للشفاء.. قالت: نجاة أريد الذهاب للغوطة لمساعدة المحاصرين.. هنا يقتلني الخوف من الاعتقال كل لحظة.. أمنت لها مبلغا من المال من ابني، ودعوت لها بالسلامة.. عملت على مساعدة اﻷطباء هناك.. ورأت بأمّ العين مخلّفات سياسة الحصار والتجويع لحد الموت أو في أحسن الحالات الاستسلام. تواصلنا عبر السكايب وشرحت لي الوضع وقالت نجاة هنا يموت الناس جوعا ولا يدري بهم أحد.. في هذه الفترة تسلط الضوء على مخيم اليرموك ومحاصرته وطالبت الجهات الدولية والامم المتحدة و…و.. بفك الحصار عن المخيم الفلسطيني.

قلت كيف تطعمين الناس وأنتم محاصرون. قالت أمني لي الدعم، ومن المنتج المحلي أستطيع تدبير الأمور، أطبخ وجبة كلّ أسبوع، حتى يبقى اﻷطفال والنساء على قيد الحياة. تكلمت مع أحدهم وهو داعم ووطني وإنساني من السويداء يقيم بالإمارات، تبنى الموضوع وارسل مبلغا ورفض ذكر اسمه، وتواصلت مع تنسيقية السويداء وأرسلوا مبلغا أيضاً، وشباب وصبايا من السويداء يقيمون في الامارات جمعوا مبلغا وأرسلوه، وبدأ العمل، وسمّتها “حملة أهالي السويداء لمساندة أهلهم في حرستا”، وكبر المطبخ، وتوسّع الكادر المساعد لها بتبرعات السورين من كافة المحافظات، وصار اسمه “مطبخ أيد وحدة” قائم بذاته يغطي ويطعم قسماً كبيراً من أهالي الغوطة الشرقية المحاصرة..

تحية للصديقة والإنسانة واﻷخت “أم سميح” وتحية للكادر القائم بمساعدتها.. وتحية للمتبرعين لاستمرار عملهم..

أم سميح الله يفرّج عن ابنك وزوجك وكلّ المعتقلين.. أنت مثال يقتدى به وفقك الله.

اللوحة للفنان السوري “نذير نبعة”

خاص “شبكة المرأة السورية”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »