أهمية المشاركة السياسية للمرأة

أهمية المشاركة السياسية للمرأة

سحر حويجة

المشاركة السياسية هي المشاركة في صنع القرار السياسي والإداري والتحكم في الموارد على كافة المستويات. المشاركة السياسية هي سلوك مباشر او غير مباشر يلعب بمقتضاه الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه بهدف التأثير في عملية صنع القرار ، وهي من آليات الديمقراطية في المجتمع التي تتيح إعادة تركيب بنية المجتمع ونظام السلطة فيه.لذلك هي أساس الديمقراطية وتعبير عن سيادة الشعب ، وترتبط المشاركة السياسية بالإهتمام بالشأن العام وبمشاركة المواطنين والمواطنات في إنجازه، وبالتالي فهي تعبير للمواطنة ويجب ان تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات وللنساء وللرجال على قدم المساواة وبإمكانية التمتع وممارسة هذه الحقوق.

ان مشاركة النساء في الحياة السياسية من أهم عناصر العملية الديمقراطية في بلد ما وهي تعكس طبيعة النظام السياسي والإجتماعي في الدولة، وعليه فإن ضعف الآليات والقوى الديمقراطية في المجتمع يساهم في تهميش مشاركة المرأة السياسية؛ كما تقاس درجة نمو المجتمعات بمقدار قدرتها على دمج النساء في قضايا المجتمع العامة والخاصة،وتعزيز قدراتهن للمساهمة في العملية التنموية فيه.

ومن الجدير بالذكر بان المجتمعات التقليدية أكثر ميلاً للإعتراف بحقوق المرأة السياسية مقارنة بإمكانية اعترافها بحقوق المرأة الإجتماعية والإقتصادية، مما يعني إن هناك إمكانية لوصول المرأة الى مراكز صنع القرار ولكن قد يترافق مع فرض حصار عليها ليكون وجودها شكلي أكثر مما هو عملي إذ ما ان تدخل المرأة في الحياة السياسية حتى تبدأ القيود تزداد عليها لتحافظ على منظومة العادات والتقاليد وسطوة المجتمع الذكوري.

مستويات المشاركة السياسية:

  • المستوى الفردي
  • مستوى العائلة
  • مستوى المجتمع الأهلي
  • مستوى المجتمع المدني
  • مستوى السلطات المحلية
  • مستوى السلطات الوطنية
  • المستوى الدولي

أما على مستوى الحياة العامة (تدبير الشأن العام) تتخذ المشاركة السياسية عدة مستويات:

  1. المستوى الأول: هو المستوى المنوط بالسلطة بموجب قوانين وتشريعات ولوائح محددة فإن بعض الأشخاص يتمتعون بحقوق معينة تتيح لهم التدخل مباشرة في صنع القرار ورسم السياسات .
  2. المستوى الثاني: مهو مستوى الذي يستطيع ان يؤثر في عملية صنع القرار من خلال نفوذ معين(إقتصادي او سياسي اوأحزاب….).
  3. المستوى الثالث: وهو مستوى المواطن العادي الذي يؤثر في القرار من خلال صوته الإنتخابي(المشاركة بشكل غير مباشر والتأثير والضغط على واضعي السياسات والقرارت) ،لذلك لا بد لأفراد من تنظيم انفسهن في تجمعات او هيئات لتشكيل قوى ضاغطة.

مع الإشارة إلى إنه لا بد من توفير أجواء من الحرية والديمقراطية قادرة على ضمان مشاركة الجميع .

مراحل المشاركة السياسية:

تمر المشاركة السياسية بدرجات او مراحل مختلفة :

  1. تبدأ بالإهتمام بالشأن العام او السياسي
  2. تتطور الى الإنخراط السياسي
  3. تتحول الى القيام بنشاط سياسي
  4. وأخيراً تنتهي بالوعي بضرورة تحمل المسؤوليات السياسية وتعاطي النشاطات السياسية وكل أشكال العمل والنظال السياسي.

هذه المراحل هي تعبيرات مختلفة للمواطنة وتتطلب تطوير المعرفة والإعتقادات السياسية وتدعيم “الثقافة السياسية” والعمل على التنمية السياسية في المجتمع.

أهمية المشاركة السياسية للمرأة:

بالنسبة للمرأة فإن أهمية مشاركتها السياسية تأخذ طابعاً خاصاً نظراً لخصوصية قضية المرأة التي هي قضية إلغاء جميع أشكال التمييز القائمة ضدها في المجتمع من اجل تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بينها وبين الرجل. لذلك فإن أهمية مشاركتها السياسية لها أبعاد أخرى:

  • فهي التي تخرج المرأة من الحيز الخاص والمتمثل بالأسرة وتشركها في الحيزالعام.
  • هي تساعد في إعادة النظر بالتصورات والرؤى التي تحكم تقاسم الأدوار بين الرجل والمرأة.
  • هي التي تدفع بقضية المرأة الى ان تصبح قضية إجتماعية عامة وليست قضية على هامش قضايا المجتمع تعنى بها المرأة فقط.
  • ان مشاركة المرأة في صنع القرارات على جميع المستويات تمكن النساء من الحصول على الحقوق وممارستها والمساهمة في إدارة وتوجيه المجتمع.
  • ان أهمية مشاركة المرأة السياسية في المستويات المختلفة تخدم فكرة المساواة ليس بين الجنسين فقط بل بين جميع المواطنين ومفهوم المساواة بين الجنسين هو تجسيد للمساواة بين المواطنين جميعاً، وتطبيق حقيقي لمفهوم المشاركة الذي يعتبر الأساس للممارسة الديمقراطية.ان وجود المرأة في موقع صنع القرار يخدم المجتمع في كافة قضاياه وجوانبه.
  • ان مشاركة المرأة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع الرجل تشكل إحدى آليات التغيير الديمقراطي في المجتمع التي تساهم في إعادة تركيب بنية هذا المجتمع ونظامه السياسي إستناداً الى مصالح وحاجات المواطنين الفعلية.
  • تعتبر المشاركة السياسية بالنسبة للمرأة مؤشر دلالة لنمو وتعزيز مشاركة المواطن ومهيار لإعادة توزيع علاقات القوة بين الجنسين وتحسين آليات الممارسة الديمقراطية. ان وجود المرأة في مراكز القوة والسلطة سيحقق المصالح المرتبطة بها وإبراز قضاياها والدفاع عن حقوقها والتسريع في إعطائها دور حقيقي في عملية التنمية للمجتمع بشكل عام .وكل ذلك يعود لما لهذه المراكز – القوة والسلطة – من تأثير في حياة المرأة.
  • المشاركة السياسية تعطي المرأة قدرة اكبر على التحكم في امور حياتها وأمور الآخرين سواء في أسرتها او مجتمعها وذلك من خلال تمكينها من الحصول على حقوقها وتحقيق مصالحها والدفاع عنها.

على الرغم من أهمية مشاركة النساء في الحاة العامة للأسباب التي ورد ذكرها وبالرغم من جهد الحركة النسائية المطالبة بالمساواة التي نشطت في لبنان منذ النصف الأول من هذا القرن والتي أدت إلى حصول المرأة على الحق في الإنتخاب والترشيح وإستفادة الفتيات من من فرص التعليم مع إزدياد عدد المدارس وإنخراط عدد من النساء في العمل على إمتداد قطاعاته، وإن كانت نسبة المشاركة في مجمل القوى العاملة لا تزال ضئيلة .

لكن هذه المعطيات الإيجابية لا تؤشر إلى إنعدام التمييز بحق المرأة، إذ إن النظام الإجتماعي اللبناني ما زال متأثرا بالقيم التقليدية القائمة على الإنتقاص من شأن المرأة والتسليم بتبعيتها، وعدم توظيف قدراتها وكفاءاتها في موقع القرار .

إن المعطيات تشير إلى التمييز السافر بحق المرأة فعلى مستوى المشاركة في القرار السياسي يتبين إن نسبة المشاركة في المجلس التشريعي متدنية وهي تعود إلى أسباب متشابهة لكل من تمكنت من دخول البرلمان وهي إما وفاة الأب أو الأخ أو الزوج ….ومن الملاحظ إنه رغم الإقتناع بتأمين فرص لعمل المتساوية للنساء والرجال ، فإن المؤشرات تدل على تدني هذه النسبة في المراتب القيادية، وتشير التقارير الوطنية والدولية إلى إن المواقف والممارسات السلبية بحق المرأة غالبا ما تبدأ في الأسرة وإن تقسيم العمل والمسؤوليات على أساس علاقات سلطوية غير قائمة على المساواة، يحد من قدرة المرأة على إيجاد الوقت اللازم لتنمية المهارات اللازمة للإشتراك في عملية صنع القرار، كذلك إن الواقع السياسي القائم على تقاسم الحصص بشكل قائم على التوزيع الطائفي والمذهبي والمناطقي، إضافة إلى ضعف أو شبه غياب القوى الديمقراطية، كل ذلك يمنع من بروز قضية المرأة في الشأن العام .

إذا يمكن تلخيص المعوقات التي تمنع النساء من المشاركة بما يلي :

أولاً:المعوقات القانونية

  • الدساتير العر بية لا تنص صراحة وبشكل مباشر على المساواة في القانون بين النساء والرجال انما تنص على المساواة امام القانون فقط .
  • عدم إحترام الدول لإلتزاماتها عند المصادقة على الإتفاقيات الدولية
  • القوانين الإنتخابية القائمة(خاصة القائمة على التصويت الأكثري) تقلل من حظوظ النساء بالفوز.
  • وجود العديد من القوانين التي تكرس التميز ضد المرأة في اللإطار العام والخاص : قوانين الأحوال الشخصية تحرم المرأة كافة حقوقها السياسية على المستوى الفردي والعائلي وتضعها تحت وصاية الرجل مدى الحياة؛ كذلك قوانين العقوبات لناحية جرائم الشرف والزنى تربط بين سلوك المرأة وشرف الرجل وتعطيه الحق المطلق في الدفاع عن شرفه؛ اما قانون الجنسية فإنه يمنع عن المرأة حقها كمواطنة في إعطاء الجنسية لأولادها وزوجها .

ثانياً: المعوقات الإجتماعية – الثقافية

  • الموروث التقافي:إن الثقافة الإجتماعية السائدة وخاصة الثقافة الشعبية ترمي بثقلها على المواطنين ذكوراً وإناثاً على السواء وهي تنطلق من وصاية الرجل وسلطته على المرأة وتكرس قسمة الأدوار التاريخية بين الجنسين عبر تحديد دور المرأة ضمن الأسرة (الدور الإنجابي ورعاية الأسرة) مقابل الدور السياسي والتغييري والإنتاجي هو من أدوار الرجل ، مما يلقي كامل الأعباء الأسرية على عاتق المرأة.
  • سيطرة الموروث الإجتماعي والنظام الذكوري /الأبوي على العادات والتقاليد المجتمعية السائدة مما يكرس وينمي القيم التمييزية ضد المرأة ويشجع على تسليط العنف عليها مما يعيد إنتاج ويفرض ويكرس قسمة الأدوار النمطية للرجال وللنساء .
  • ضعف قواعد إستقلالية المرأة وتبعيتها الدائمة للرجل مما يزيد من صعوبات مشاركتها المستقلة وتمثيلها المستقل.
  • الجمع بين العمل خارج المنزل والعمل داخل المنزل يرهق المرأة (الأعباء المزدوجة خاصة ان اعباء الدور افنجابي ملقاة بكاملها على عاتق المرأة) ويمنع عنها فرص تنمية دورها في الحياة العامة.
  • ثالثاً: المعوقات السياسية
  • ان ميدان العمل السياسي يتميز بسيطرة ذكورية تاريخية وهيمنة تمثيل الذكور على حساب تمثيل النساء، وبالتالي فإن البنية السياسية تكرس نمط العلاقات الذكورية المسيطرة تقليدياً في المجتمع حسب قسمة الأدوار التاريخية بين الجنسين.
  • غياب تقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان وشيوع ثقافة الإستبداد والتسلط :ان الأنظمة التسلطية تحرم المواطنين من الإنتخابات الحرة والحريات العامة تزيد من حرمان المرأة من المشاركة والتمثيل .
  • ضعف القوى الديمقراطية والمجتمع المدني في المجتمعات العربية وتغييب دور المرأة فيها . ان ضعف الآليات والقوى الديمقراطية في المجتمع يساهم في تهميش مشاركة المرأة السياسية.
  • تنامي الخطاب الديني –الأصولية
  • هيمنة العقلية القبلية والعشائرية والطائفية في بنية المجتمع العربي مما يعطيه طابع المجتمع الأهلي وليس المجتمع المدني حيث تزداد مشاركة المواطن .
  • ضعف الأحزاب السياسية التي يمكن إعنبارها مؤسسات ذكورية بإمتياز وهيمنة نظام الحزب الواحد الحاكم في معظم الدول العربية.
  • ضعف مشاركة المرأة في الشأن العام وضعف إنخراطها بالأحزاب السياسية يحرم المرأة من فرصتها في التدرب والمشاركة والتعرف على العملية السياسية ويقلل من فرص بروز قيادات نسائية.
  • بنية الأنظمة السياسية: حيث تسود البنية العشائرية او القبلية او الطائفية او العائلية ، وعليه فإن طابع التنافس الإنتخابي هو : عائلي – سياسي – طائفي مما يخلق صعوبة لناحية وصول النساء الى مراكز صنع القرار.لا تستطيع المرأة دون مباركة وموافقة العائلة ، ان تشارك في الشأن العام والترشح للإنتخابات خاصة ان العائلات والعشائر والطوائف لا تقبل ان تمثلها النساء.

رابعا:ً المعوقات الإقتصادية

  • تتعلق بإنتشار الفقر وتأنيثه .
  • إرتفاع نسبة البطالة بين النساء ، وقد أشارت العديد من الدراسات والأبحاث العلاقة الطردية بين ارتفاع نشاط المرأة الإقتصادي وارتفاع نسبة مشاركتها وتمثيلها السياسي في الحياة العامة.
  • النساء لا يملكن الثروات التي تمكنهن من خوض العمليات الإنتخابية في ظل غياب او إنفلات السقف المالي للحملات الإنتخابية.

خامساً: معوقات خاصة بالمرأة

  • ضعف خبرة المرأة في المجال السياسي . حتى الحركات النسوية العربية لا تقوم بتمكين النساء للعمل السياسي وتدريبهن على القيادة.
  • صورة المرأة عن ذاتها وضعف ثقتها بنفسها وعدم وعيها باهمية دورها السياسي .
  • ارتفاع نسبة الأمية بين النساء بما فيها الأمية القانونية

اللوحة للفنان “سنان حسين”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »