Search
Close this search box.

رمضان في مهد الثورة “درعا البلد” مر بطعم العلقم

رمضان في مهد الثورة “درعا البلد” مر بطعم العلقم

درعا- سارة الحوراني

“رمضان مر بطعم العلقم” … هذا ما قالته أم منصور التي فقدت زوجها منذ ما يقارب الخمسة أشهر؛ من جراء سقوط قذيفة مدفعية على أحياء درعا البلد، رحل أبو منصور تاركا خلفه أسرة تنتظره كل يوم على مائدة الإفطار. عائلة أم منصور تجسد مأساة الأسر السورية التي فقدت عزيزاً عليها، إما شهيداً أو معتقلاً مغيباً في سجون النظام السوري.

تقول أم منصور :” أبذل قصارى جهدي لمساعدة أبنائي على تقبل غياب والدهم، لكن شهر رمضان الكريم زاد من معاناتنا وخاصة لحظة الإفطار، حيث غزت مشاعر الحزن قلوب الأولاد، فيما أراقب عيونهم  وهي تبحث في المكان الخالي عن طيف والدهم، يأكلون بضع لقيمات مغمسة بدموعهم”.

ثلاث سنين وأم محمد تترصد أي خبر عن ولدها أحمد المعتقل في سجن صيدنايا، لعل بارقة أمل تلوح في الأفق تجمعها به من جديد، لكن قدوم شهر رمضان الثالث دون جلوس أحمد على مائدة الإفطار تزيد من الشعور بالمرارة والقهر للأسرة كافة. تصف أم محمد ذلك قائلة :” أي قهر وألم نعيشه بغياب أحبتنا وانقطاع أخبارهم، حيث تتفتح الجروح لحظة الجلوس على مائدة الإفطار، لتقفز صور تعذيب المعتقلين على أيدي قوات الأمن السوري، فكل معتقل هو ولدي أحمد وكل صورة لتعذيب المعتقلين هي صورة لتعذيب ولدي”.

ويحاول أبو محمد إظهار تماسكه أمام عائلته، لكن قواه تخور لحظة جلوس الأسرة على المائدة ومشاهدة الألم والأسى ينهش بقلب زوجته وأبنائه يقول: “منذ أن أعتقل أحمد استقر الألم في منزلنا ويصل لذروته في المناسبات الأسرية وخاصة في رمضان والأعياد التي فقدت حلاوتها لدى كافة الأسر في درعا، فذكريات الأحبة المغيبين وحدها كفيلة لطعن روحك وقتلها ببطء دون إراقة قطرة دم واحدة”.

حال النازحين من أهالي البلد لا يقل مأساوية عن حال الأهالي الباقين في المنطقة، فقد تشردوا بين مدن وقرى ريف درعا، وآخرون اتخذوا من الخيام منازل لهم، والتي نصبوها في المزارع والحقول المجاورة لمدينة درعا، باحثين عن أمان من البراميل المتفجرة التي تنهمر على الأهالي ليلاً نهاراً.

محمد استقر في مزرعة أقارب له برفقة أسرته هرباً من البراميل المتفجرة يقول: “سقط برميل متفجر على منزل أقارب لنا، حيث استشهد عدد من أفراد الأسرة، فيما أصيب آخرون بجروح خطرة، لذلك حملت بعض الأشياء الضرورية وانتقلت برفقة أسرتي إلى المزارع، فهي أقل استهدافاً من الطيران المروحي، لكن ظروف العيش في الخيمة بالغة الصعوبة، وخاصة خلال شهر رمضان فالماء قليل وثمن صهريج الماء يصل إلى 4 آلاف ليرة سورية، كذلك الخبز إن توفر فهو بكميات قليلة ومواصفات سيئة، لكن بعدنا عن الأهل والأحبة أشد مرارة من شظف الحياة”.

في هذا العام غابت مظاهر رمضان بشكل شبه كامل، فلا مئذنة الجامع العمري صدحت بالأذان، فقد تحولت إلى أكوام من الحجارة بعد استهدافها من قبل قوات النظام بالأسلحة الثقيلة، في حين خلت ساحته من المصلين وبقيت خاوية إلا من بقايا الدمار، فيما تلاشت مظاهر الحياة من السوق القديم الذي دمرت معظم محاله التجارية، وما أعيد إصلاحه أغلق ونزح أصاحبها، فاختفت بسطات التمر الهندي والعرق سوس، واستبدلت رائحة خبز القطايف بالبارود والغبار الناجم عن انفجار البراميل المتفجرة.

خاص “شبكة المرأة السورية”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »