Search
Close this search box.

سعاد نوفل ومجد شربجي وجائزتان دوليتان للمرأة السورية الشجاعة

سعاد نوفل ومجد شربجي وجائزتان دوليتان للمرأة السورية الشجاعة

ياسمين مرعي

شهد آذار هذا العام تكريم 3 نساء سوريات، على مستوى دولي، تقديراً لشجاعتهن ومواجهتهن لظلم النظام السوري من جهة، وظلم التنظيمات المتشددة وعلى رأسها “داعش” من جهة أخرى. ففيما كرمت منظمة مراسلون بلا حدود الصحفية زينة ارحيم، تسلمت مجد شربجي، ابنة داريا المولودة عام 1981 الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة من الخارجية الأميركية، ونالت ابنة الرقة سعاد نوفل، البالغة من العمر41 عاماً جائزة هومو هوميني لحقوق الإنسان، وعن هاتين الجائزتين الأخيرتين كان لسيدة سوريا حديث مع سعاد ومجد.

فعن تفاصيل نيل سعاد لجائزة هومو هوميني لحقوق الإنسان (وهي جائزة تقدمها منظمة People in Need سنوياً لأفراد استثنائيين ممن قدَّموا مساهمات جليلة في تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية)، وما قدمته لها معنوياً، تقول: “لن نقول لسعاد.. بل لكل سوري، إنّ هناك من ينظر لثورتنا وتضحيات شعبنا نظرة تقدير واحترام. صحيح هي لا تكفي، لكن مثل هذه الجوائز يمكن من خلالها التعريف أكثر بما يحدث في سوريا، وأن تتكرّم نساء سوريات فهذا يدل على قدرة المرأة السورية وظهور دورها للعالم بما قدّمت وما تزال تقدّم في سبيل تحرر شعبها من الاستبداد. الثورة فجّرت في داخلنا الطاقات الكامنة وحمّلتنا أعباء ومهام جديدة، هذه الجوائز استحقاق للمرأة السورية التي أعطت الكثير وسيكون لها دور في بناء سورية الحرة”.

أما مجد فتقول عن ترشحها ونيلها لجائزة المرأة الشجاعة (وهي جائزة أمريكية تقدم سنوياً من قبل وزارة خارجية الولايات المتحدة للمرأة في جميع أنحاء العالم، خصوصاً من أظهرت القيادة والشجاعة والحيلة والاستعداد للتضحية من أجل الآخرين، والترويج لحقوق المرأة): “تم ترشيحي للجائزة من قبل السفارة الأمريكية في تركيا، وبعد دراسة مطولة عني فزت بها. لقد ترددت كثيراً في البداية بقبولها، لأنني لا أريد أن تعتبر موافقة مني على السياسة الأمريكية تجاه بلدي، لكني قبلتها على أمل أن أكون صوتاً لكثير من النساء المقموعات، وأن تعود هذه الجائزة ببعض الخير على أهل بلدي”.

أما عن الأثر المعنوي للجائزة فتقول: “الجائزة آلمتني كثيراً، خصوصاً أنها من الخارجية الأمريكية، أي من الحكومة التي تصمت عن مئات المجازر في بلدي، الحكومة التي تغمض عينيها عن مئات آلاف المعتقلين الذين ما زالت أصواتهم في أذني منذ خرجت من المعتقل. كانت معنوياتي سيئة، خصوصاً أن الجائزة ترافقت مع إظهار صور المعتقلين المعذبين وتصريحات كيري الأخيرة المخزية والمؤلمة ومجزرةالكيماوي في سرمين…”.

عن الفرق بين دعم المنظمات الحقوقية حول العالم للنشاط السلمي للناشطين السوريين وموقف الحكومات من أزمات الشعب السوري، وما إذا كان هذا النوع من التكريم فرصة لتسليط الضوء مجدداً على سلمية الثورة السورية، تقول سعاد: “غالبية المنظمات الحقوقية هي مؤسسات غير حكومية، تسعى لتسليط الضوء على معاناة الشعوب بأي مجال كان، وهم مختلفون عن الحكومات التي تنظر للثورات بمنظور سياسي وتتخذ الموقف من هذه الثورة أو تلك بما يتناسب مع مصلحتها، أما المنظمات فدورها إنساني ومهمتها تسليط الضوء على معاناة الشعوب.

وتضيف: “غالبية المنظمات غير الحكومية أو الممثلة لجهة سياسية، ومنظمة (People in need) واحدة منها يعلمون أن الثورات التي تقوم ضد الأنظمة الاستبدادية تبدأ سلمية، ويتمنون الاستمرار بالسلمية، وهم يدركون أن النظام الاستبداد يحول الثورات باتجاه السلاح بطريقة أو بأخرى، وثورتنا السورية أكبر مثال”.

أما مجد فتصف سلوك الحكومة الأمريكية بقولها: “بصراحة أرى أن الحكومة الأمريكية تسخر منا بهذه الجوائز، فهم يكرموننا بيد ويقومون بقتلنا باليد الأخرى، محاولين إخفاء صمتهم وتخاذلهم تجاه الأزمة في سورية بمثل هذه الجوائز. لا أنكر أن أبواباً كبيرة فتحت لي بعد هذه الجائزة ستعود بالخير على الأطفال والنساء،لكنني رغم ذلك أشعر بالندم، والحقيقة أني لم أضع صورة لي أثناء تكريمي على صفحتي في فيس بوك، لأنني كنت أعيش صراعات داخلية بسبب هذه الجائزة، وأتمنى أن تسامحني سوريا رغم صدق نواياي بقبولها.”

ولدى سؤالنا عن الأثر الذي يمكن أن يحدثه الظهور الإعلامي لناشطة سورية “محجبة” تجاه القلق الغربي من التطرف في سوريا، تقول شربجي: “كان ظهوري بلباسي الذي اعتدت أن أرتديه وأنا محجبة، شعرت أن له أثراً إيجابياً، لأظهر للعالم حقيقة الإسلام وصورته الحقيقية البريئة من كل الاتهامات بالتشدد والإرهاب، والبريئة كذلك من كل الجماعات المتطرفة التي تدعي الإسلام. كما أني التزمت بكامل قناعاتي في أمريكا، واعتذرت عن مصافحة أي رجل وأخبرتهم بذلك فور وصولي، وهم احترموا بشدة رغباتي في كل ما أردته”. أما سعاد فأجابت: “أعتقد أن هذا الظهور أثبت للكثيرين، (وقد كان الحضور كثيفاً ومن مختلف دول العالم)، أن في سوريا نظام استبدادي مجرم، هو المسؤول عن دخول تلك الجماعات غير السورية، فالشعب السوري شعب وسطي بكل شيء، غير متشدد، ومتعايش مع بعضه، ففيه كل الأديان والطوائف والقوميات، وهو ما أشرت إليه في كلمتي”.

ورداً على سؤال سيدة سوريا عما ركزت عليه الناشطتان في حديث كل منهما، تقول سعاد:” ركّزت على إجرام عصابات الأسد في كل المناطق السورية، ذكرت أسماء بعض المجازر في حمص والغوطة والرقة ودرعا، وتحدثت عن استخدام النظام لكل أنواع آلات القتل، بدءاً من السكاكين حتى القصف والكيماوي.. وأيضاً عن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون والمخطوفون لدى النظام والجماعات المتطرفة، وأنّ على العالم اتخاذ إجراءات لمساعدة الشعب السوري وأن لا يقف مع القاتل. تحدثت كذلك عن التهجير الذي انتهجه النظام ضد 9 ملايين سوري ما بين الداخل والخارج، وأن المجرم بشار الأسد هو السبب بكل ما يحدث. وما لفتني هو ردة فعل الحضور، فالبعض بكى خلال الكلمة، وبعد الانتهاء توجه الصحفيون إلى للاستفسار عن حقيقة ما يجري في سوريا، فإعلامهم يبث لهم أخباراً عنمحاربة الأسد للإرهاب،وهنا كانت المفاجأة لهم من فتاة سورية تخبرهم أن الأسد يحارب الشعب لا الإرهاب، وأنه من ساهم بوجود الإرهابيين في سوريا”.  أما مجد فتقول: “بصراحة أكثر ما ركزت عليه هو قضية المعتقلين، والتساؤل عن سبب هذا الصمت على قضيتهم! وكيف استطاع المجتمع الدولي الضغط على الأسد لتسليم الكيماوي ولم يستطع الضغط عليه لتسليم معتقلين سلميين يقبعون في الظلمات منذ أربع سنوات!!

تكلمت كثيراً على قضية تعليم الأطفال، لأن 5 ملايين طفل سوري هم خارج منظومة التعليم اليوم، وإذا كانت أمريكا حريصة على محاربة الإرهاب،فلا يكون ذلك بضرب داعش في الرقة، حيث ذهب الكثير من الضحايا المدنيين السوريين ومشافي للأطفال الرضع!! محاربة الإرهاب تكمن في تعليم هؤلاء الأطفال وإعادتهم إلى منظومة التعليم، لأننا بعد عدة سنوات سنحصد نتائج كارثية إن لم يتم تعليم هذا العدد الكبير من الأطفال والذين سيتحولون إلى إرهابيين، لأن الإرهاب فكرة تتمدد في الأوساط الفقيرة والجاهلة. وركزت أيضاً على أن لا يحيدوا عن منبع الإرهاب الرئيسي، والذي هو بشار الأسد، وأن لا يلهوا العالم بالحرب على داعش، متناسين جرائم بشار الأسد، وأنه أساس كل إرهاب في سوريا، وأنه لا سلام في سوريا ببقائه”. وبخيبة تتحدث مجد عن ردة الفعل على خطابها بالقول: “ردة الفعل كانت كالعادة: (نتأسف لما يحصل في بلدكم)، اعترفوا بتخاذل حكومتهم، وأنهم لا يستطيعون فعل شيء،وتعاطفوا مع قضية تعليم الأطفال”.

مجد خلال حديثها وجهت رسالة للنظام السوري حسبما صرحت لسيدة سوريا: “رسالتي للنظام والأجهزة الأمنية قبل الجائزة وبعد الجائزة، أن يرى بعينيه النساء اللاتي قام باعتقالهن وضربهن، لن ييأسن من إكمال طريقهن ورسالتهن، ولا من المطالبة بإسقاطه ولو كلفهن ذلك آخر قطرة دم سورية، لا مجال للتراجع سنظل صامدين حتى تتم محاكمة هذا النظام المجرم”. كذلك سعاد التي تقول: “طالما هناك طفل سوري ما يزال قلبه ينبض، وأم سورية تصنع من المستحيل رغيف خبز لأبنائها، فسوريا ستكون لهم كما أرادوها حرّة كريمة لكل السوريين، وليس للنظام المجرم ولا الجماعات المتطرفة مكان فيها. هم احتلال، والبلاد لأهلها مهما غلت التضحيات”.

سعاد نوفل تتوجه عبر سيدة سوريا لتقول عن سبيل متابعة النشاط السلمي اليوم من مواقعنا خارج الأراضي السورية وجدوى هذه المتابعة: ” نحن الآن خارج الأراضي السورية، علينا واجب إيصال صوت الناس الذين يعانون في الداخل وتجريم النظام وتعريته أمام الشعوب والحكومات، كل بحسب المكان الذي هو فيه، وتوعية الناس الموجودين في الداخل قد المستطاع حول إمكانية القدرة على المتابعة، أنا لا أملك الآليات والخبرة، لكن بالتأكيد هناك من يعرف بذلك، الإعلام ضروري اليوم، لكن الأهم معرفة آلية استخدامه بما يخدم قضيتنا وليس الاستفادة المادية فقط، أما عن الجدوى، فلا بد أن تتحقق إلا بعمل سلمي متوافق مع العمل في الداخل”.

من جانب آخر تقول مجد: “ركزت كثيراً خلال وجودي في الولايات المتحدة على دعم منظمات المجتمع المدني السورية، خصوصاً النسائية، لأن الكثير من المسؤوليات ستقع على عاتقنا كنساء، خاصة مع فقداننا لعدد لكبير من الرجال في الحرب على سوريا. أنا أؤمن بدور المرأة في حل الأزمة وصنع السلام، لأنها العنصر الوحيد الذي سيتقبل فكرة نشر السلام وإنهاء هذه الحرب الطاحنة، كونها أكثر من عانى، أماً وأختاً وزوجة وابنة، ومنذ بداية الثورة وأنا أعول على الشعب لأنه عندما يقول كلمته لن تستطيع أكبر دول العالم منعه من تنفيذ إرادته، لكن المؤسف أن الشعب السوري مورست عليه سياسة تجهيل ممنهجة من قبل نظام الأسد، فهو شعب لا يملك أدنى فكرة عن أسباب قيام الثورة ومطالبتنا بإسقاط نظام بشار الأسد، وما هي الحرية التي نريد، وما هو شكل الدولة الديموقراطية التي نطمح إليها وما هي دولة القانون.

لو وعى الناس كل هذه المصطلحات لما وصل الحال بنا إلى هنا، لكن لا يمكننا لوم هذا الشعب، بل يجب علينا أن نعمل على توعيته، ليكون قادراً على تقرير مصيره.

رحيل بشار سينهي حمام الدم في سوريا، لكنه لن يبني وطناً مدنياً ديموقراطياً كما نريد، ما سيبني سوريا هو إعادة تأهيل وتأسيس المواطن السوري”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »