إدلب ـ سونيا العلي
كادت صبا الدياب (21 عاماً) من مدينة معرة مصرين تفقد حياتها بعد تعرضها للضرب والتعنيف من قبل والدها وأخوتها الذكور، كما أجبرت على ترك دراستها الجامعية والزواج من ابن عمها، بعد أن قام أحدهم بإرسال صورها الشخصية لأسرتها، وعن ذلك تتحدث لشبكة المرأة السورية بالقول: “تواصل معي شاب باسم مستعار، وزعم بأنه زميل لي في جامعة إدلب، وهو معجب بي، ويريد إقامة علاقة غرامية معي، وحين رفضت ذلك هددني باختراق بيانات هاتفي الجوال، لكنني لم أصدق كلامه ولم أعره أي اهتمام”.
لكن المحظور وقع فعلاً، وتفاجأت الدياب حين قام أحد إخوتها الذكور بصفعها، واتهمها بنشر صورها وإرسالها لزملائها في الجامعة.
وتضيف الدياب بنبرة حزينة: “حاولت أن أشرح لأهلي الأمر، ولكن لم يستمع إلي أحد ووجدت نفسي متهمة دون أن أقترف ذنباً، ومنذ ذلك اليوم لم يسمحوا لي بالدوام في الجامعة، كما تمت خطبتي على ابن عمي الذي رفضت الارتباط به مراراً”.
وقعت الكثير من النساء في إدلب في فخ التحرش والابتزاز الالكتروني من خلال شبكة الإنترنت التي يتم خلالها إساءة معاملة النساء والتحرش بهن وابتزازهن لتحقيق أهداف مادية أو جنسية.
ليست سناء الحسين”اسم مستعار” (17 عاماً) التي رفضت الكشف عن اسمها الصريح أفضل حالاً، فقد نسجت أحلامها لتستيقظ على كابوس الابتزاز، وذلك بعد أن تعرفت على شاب عبر الأنترنت، وعدها بالزواج على أن ترسل له صورها الشخصية للتعارف، فاستجابت لطلبه بعد أن أوهمها بالحب والثقة المتبادلة، وقطع على نفسه وعوداً كاذبة بحذفها بعد مشاهدتها، وبعد فترة من الزمن وإثر خلاف بينهما تواصل معها بهدف ابتزازها جنسياً، وهددها بإخبار أهلها أنها على علاقة به أو الإذعان لطلباته ورغباته، وعن ذلك تقول: “هددني بإرسال المحادثات لأهلي ونشر صوري على مواقع التواصل الاجتماعي في حال لم أستجب لطلبه، فوجدت نفسي في ورطة حقيقية، دون أن أتمكن من إخبار أهلي، خوفاً من ردة فعلهم”.
وتشير أنها حاولت الانتحار وإنهاء حياتها التي باتت أشبه بالجحيم، كما توسلت إلى الشاب حتى لا يتواصل مع أهلها، لكنها لا تزال خائفة من تبعات المشكلة التي أوقعت نفسها بها.
وتفضل الكثير من النساء الضحايا أن تبقي الابتزاز الذي تتعرض له طي الكتمان، وعدم البوح به أو طلب المساعدة أو التقدم بشكوى، خوفاً من الفضيحة والاتهام من المجتمع المحيط.
عائشة الشيخ (28 عاماً) نازحة من مدينة خان شيخون إلى بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، بدأت مأساتها بضياع هاتفها الجوال، وعن ذلك تقول: “بعد ضياع هاتفي الجوال بدأت أتلقى محادثات واتصالات على رقم هاتف أختي بضرورة دفع مبلغ مالي أو نشر كافة الصور والفيديوهات الخاصة بي على مواقع التواصل الاجتماعي”.
لم تجد الشيخ مهرباً سوى الانصياع لطلبات المبتز، وعن ذلك تقول: “اضطررت لمفاوضة الشاب ودفعت نصف المبلغ الذي طلبه، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث عاد الشاب بعد مدة لطلب المزيد من المبالغ المالية، لكني رفضت ذلك، ولا أعلم كيف سأتخلص من هذه الورطة”.
وتضيف: “منذ ذلك الوقت أعيش حالة نفسية سيئة وأشعر بالخوف والحزن، علماً أنني عزلت نفسي عن العالم، وقامت أختي بحذف جميع مواقع التواصل الاجتماعي من هاتفها الجوال”.
حاولت بعض النساء التخفيف من حدة الابتزاز الالكتروني من خلال تعلم صيانة الهواتف الجوالة وافتتاح محلات خاصة بصيانة هواتف النساء، ومنهم فاطمة الحمود (33 عاماً) من مدينة إدلب التي تحدثت لشبكة المرأة السورية بالقول: “باتت قضايا الابتزاز الإلكتروني حاضرة بقوة في مجتمعنا، وأصبحت مصدر قلق وإزعاج للنساء من كافة الأعمار.
وتبين أن بعض الشبان من ضعاف النفوس باتوا يكسبون رزقهم من أموال الابتزاز، من خلال الحصول على بعض الصور للنساء بطرقٍ عدّة منها إيهامهن بالحب والزواج، أو شراء هواتف قديمة واسترجاع ملفاتها المحذوفة.
وتشير أنها قامت بافتتاح مركز صيانة للموبايلات بكادر نسائي، بهدف حماية خصوصية النساء اللاتي يحتجن لصيانة هواتفهن أو تنزيل البرامج عليها، فضلاً عن إعالةِ نفسها وأسرتها.
من جهتها المرشدة الاجتماعية حلا عبيد (34 عاماً) من مدينة سرمدا تتحدث عن مخاطر الابتزاز الالكتروني بالقول: “الابتزاز الإلكتروني هو عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو تسريب معلومات سرية خاصة بها، ما لم تستجب لمطالب المبَتز، والتي تكاد تنحصر في طلب المال أو الاستغلال الجنسي”.
وتشير أنه يترتب على التحرش الالكنروني مخاطر اجتماعية وقانونية، قد تصل في أحيان كثيرة، للقتل تحت ذريعة جرائم الشرف، أو الانتحار خوفاً من الفضيحة ووصمة المجتمع.
وتؤكد أنه يتوجب على الفتيات اللجوء للمؤسسات الحقوقية، لأن القانون يحاسب كل من ينتحل شخصية، لابتزاز الآخرين، فضلاً عن ضرورة قيام جمعيات حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني، بنشر التوعية بمخاطر الابتزاز.
وتشدد عبيد على تعامل النساء بحذر مع وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الوثوق بالغرباء أو اطلاعهم على الإيميلات الشخصية أو كلمات المرور الخاصة، فضلاً عن أهمية دور الوالدين وضرورة عدم الغياب عن حياة أبنائهم وبناتهم، وعن المواقع التي يتابعونها أو الصداقات التي يكونونها أو المحتوى الذي يبثونه عبر الإنترنت .
خاص بـ”شبكة المرأة السورية”