الرؤية العامة لواقع المرأة العاملة في سورية

الرؤية العامة لواقع المرأة العاملة في سورية

أمينة بريمكو

العمل هو الركيزة الأساسية التي تساهم في بناء حياة الإنسان، والحاجة الملحة ليستطيع المرء العيش متوازناً اقتصاديا ونفسيا واجتماعياً، وهذه الحاجة مرتبطة بالرجل والمرأة على السواء، ولكن مما نلاحظه بان عمل المرأة في مجتمعاتنا الشرقية  يعد امتيازاً وخروجاً عن المألوف، رغم ما تعانيه من صعوبات ومهام مضاعفة،  حيث تعمل داخل المنزل و خارجها، إلى جانب الأدوار الأخرى التي تقوم بها كأم وزوجة. إلى جانب نظرة الاستعلاء والتفوق من قبل الرجل في العمل.

بما إن المرأة تشكل نصف المجتمع، فلا يمكن  التحدث بأي نوع من أنواع  التطور، إلا ويكون للمرأة دور مماثل للرجل، في كافة مجالات الحياة  ، وخاصة مجالات العمل، لم نعد بحاجة لان نثبت دورها الفعال في مجال العمل، فهي تتسابق الآن مع الرجل في معترك الإنتاج والأعمال بكافة الاختصاصات. لكننا  رغم ذلك  نشدد أن يكون  العمل التي تقوم به المرأة في ظروف إنسانية  يتلاءم مع  طبيعتها كأنثى، من حيث نوع العمل، وعدد ساعات العمل، خلال الاستطلاعات التي قمنا بها ميدانيا في إحدى المدن السورية، بما يخص النساء العاملات،  لاحظنا هناك غبن في مسألة أجور النساء، العاملات، خاصة في مجال استغلال جهودها بابخس الأجور،علماً بأنها تعمل في  المجالات  الملائمة لخصوصية فيزيولوجيتها، وهي لا تقل إنتاجا عن الرجل العامل بذات المجال، وبسبب طبيعتها الانسيابية تكون أكثر التزاما وأكثر انضباطاً وإخلاصاً من الرجل العامل.

صحة المرأة العاملة  من الناحية النفسية:

برأي الدكتور حسان المالح أن ايجابيات عمل المرأة شتى، فهي تحقق ذاتها وشخصيتها إلى جانب الاستقلال الذاتي والمادي، كما انه يساهم في تنمية قدراتها الشخصية واغتنائها من النواحي العملية والفكرية والاجتماعية.

كما أن القيام بالعمل يشعر المرأة بالرضا والسرور والنجاح، وذلك مكافأة هامة، وتدعيم لقيمتها بنفسها من النواحي النفسية. كما أن الدكتور  المالح يؤكد بان المرأة أكثر قيمة من مختلف النواحي الواقعية والمعنوية، والمرأة لا تبقى ذلك الكائن الضعيف .

أما  الناحية السلبية  لعمل المرأة برأي الدكتور المالح مرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية، وما يناسب شخصيتها، وقدراتها ومهاراتها، وبنوعية شروط العمل وظروفه، يؤكد المالح بان العمل الروتيني الممل أو القاسي الصعب  يساهم بشكل سلبي في صحة المرأة النفسية.  وهناك عوامل أخرى تؤثر سلبا على نفسية المرأة العاملة، وهو الشعور بالظلم وعدم الحصول على الحقوق إضافة إلى نقص المكافآت والتشجيع. ومن جهة. برأي الدكتور المالح فإننا نجد أن المرأة العاملة لديها قلق إضافي حول مدى نجاحها في عملها وفي أدوارها الأخرى المسئولة عنها. ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة خارج البيت وإلى الضغوطات والمعوقات الاجتماعية المختلفة إضافة إلى تركيبة المرأة الخاصة من حيث تأهيلها وتدريبها.. مما يتطلب إعداداً وتدريباً ووقتاً كافياً كي تستطيع المرأة تلبية متطلبات الحياة العملية الكثيرة ومن المتوقع في مجتمعاتنا أن الضغوط المتعددة التي تواجهها المرأة من النواحي الاجتماعية وتناقض النظرة إلى عملها أن تتسبب في زيادة القلق والتوتر والإحباط وسوء التكيف واضطراباته.

فيما بعد يلخص الدكتور المالح رأيه “وإذا تحدثنا عن الوقاية من سوء التكيف والاضطرابات النفسية الأخرى لابد من الإشارة إلى ضرورة تقديم الدعم الكافي والمناسب ( المعنوي والعملي ) للمرأة العاملة ومساعدتها على التخفيف من الأعباء الكثيرة التي تتحملها”.

فيما يلي استطلاع يتضمن12 سؤالا لأكثر من 15 امرأة عاملة يعملن في مجالات مختلف:

الاسم:                                         الوضع الاجتماعي:أعزب /متزوج

العمر :                                         عدد الأطفال :

المهنة:                                         عدد ساعات العمل:

الراتب:

                           العبارات

نعم

أحياناً

لا

1-

أحب عملي

93%

   –

6,67%

2-

أفراد أسرتي يعملون

40%

   –

60%

3-

صاحب عملي يعاملني بشكل محترم

  –

100%

     –

4-

أحسد النساء المرفهات اقتصاديا واللاتي لا يعملن

86,6%

   –

13,3%

5-

عملي مريح وغير متعب

53,3%

20%

26,7%

6-

أشعر بالحرية لأني أكسب مالي بنفسي

100%

   –

   –

7-

ينتابني شعور بتأنيب الضمير لأني اعمل خارج المنزل

60%

6,66%

33,3%

8-

يؤثر عملي سلباً على نفسية أولادي

13,3%

   –

86,6%

9-

أتردد في العمل نتيجة تقصيري في واجباتي المنزلية اتجاه زوجي و أولادي

13,3%

60%

26,7%

10-

راتبي يكفيني لآخر الشهر

   –

   –

100%

11-

لدي مشاكل عائلية

60%

20%

20%

12- دافعي للعمل:   “الحاجة…..الملل”

أجابت 80% بان الحاجة الاقتصادية  دفعتم للعمل و..20 % الملل وللبحث عن طريقة جديدة لإثبات الذات.

بعد اللقاءات التي قمنا بإجرائها مع أكثر من 15 عاملة ، تعملن في مجالات

مختلفة وفي ظروف مختلفة، حيث تراوحت أعمارهن ما بين العشرين عاماً إلى الأربعين عاما.  كانت  نسبة العازبات اللاتي تعملن  تشكل  70%  فيما وصل نسبة المتزوجات إلى 30% .

وقد تراوحت ساعات العمل ما بين خمس ساعات إلى ثلاثة عشر ساعة، فيما تراوحت الرواتب التي تتقاضينها ما بين خمسة ألاف إلى ثلاثة عشرة ألف.. تراوح عدد الأطفال لدى النساء العاملات ما بين طفلين إلى خمسة أطفال….. أما المهن فكانت متنوعة: ” عاملة مطبعة.. إعلامية.. محاسبة في مقهى.. عاملة تنظيفات.. موظفة في شركة أدوية.. موظفة في محل ألبسة جاهزة.. موظفة في معمل بسكويت.. عاملة في ورشة خياطة.. مندوبة مبيعات.. ممرضة.. موظفة في بنك خاص… عاملة في معمل علب محارم  ورقية”.

لاحظنا  لأية درجة  المرأة السورية العاملة  بحاجة إلى دعم معنوي ومادي، لتتمكن من  الثبات والوثوق بنفسها ككائن منتج وفعال.

حيث أنها لا تزال تشعر بالارتباك والقلق، وأحيانا الخجل لكونها تعمل خارج المنزل، رغم ما تعانيه من إرهاق جسدي ونفسي إلى جانب ذلك نرى بأنها تعاني من الخوف الاجتماعي رغم كل الأعباء التي تقوم بها داخل المنزل وخارجها. و تشعر بتأنيب الضمير لكونها خارج المنزل.

كما لاحظنا بأنها ما زالت بحاجة إلى مهارات اجتماعية تحررها من الارتباك أمام الآخرين؛ لتثبت ذاتها وتعرف كيف تعبر عن نفسها كانسان فعال أمام المواقف المرتبطة بالحياة العملية.

رغم ساعات العمل لطويلة،  والإرهاق الذي تصاب به نتيجة عملها ، لكن هذا الإرهاق يتلاشى بالمقارنة مع حالة المتعة التي تشعر بها خلال احتكاكها المباشر مع المجتمع الذي  يولد لديها طاقة وحيوية .

رغم أن الدافع وراء عملهن هو الحاجة الاقتصادية، إلا أنهن  إلى جانب ذلك يكتشفن  العالم الخارجي، حيث يقفن أمام  عالم جديد،  يغني لديهن الجانب العملي .

ربما لأول مرة تشعر بمفهوم الحرية وذلك عندما تكسب مالها بنفسها، وتفهم معنى التحرر الاقتصادي وتبعاته.

نأمل من كافة النساء العاملات أن يشعرن بالفخر والاعتزاز، لأنهن وحدهن استطعن الوصول إلى فكرة الحرية الحقيقية ، وذلك من خلال تحررهن الاقتصادي ، مهما كانت المرأة مرفهة اقتصاديا  وتوفر لها كل ما تريد لن تعرف معنى أن تكون سيدة نفسها، إلا إذا دخلت معترك العمل، وشعرت بقيمة العمل.

المرأة العاملة تعرف جيدا بأنها لن تكون مجرد أنثى محدودة الشخصية، إن دورها المضاعف لدور الرجل كمساهمة فعالة في البناء والتنمية من أهم الأدوار التي تطور المجتمع.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »