مشاهدات سورية في شارع الحمراء البيروتي

مشاهدات سورية في شارع الحمراء البيروتي

تحقيق: عبد الله الشعار

تصوير: علي الشيخ

بين ضجيج المارة وصوت السيارات، تجلس ام يعقوب مع أطفالها على حافة الطريق، لا تمد يدها للمارة خجلاً . تنظر في الأرض طيلة الوقت ..

أم يعقوب أم لثلاثة أطفال  أكبرهم يعقوب، البالغ من العمر أربعة سنوات، و يوسف ابن الثالثة، وسلوى الصغيرة الشقراء بنت السنة و التسعة أشهر. محمد والد الأطفال وزوج المتسولة السورية مفقود من ثمانية أشهر لا أحد يعلم عنه شيئاً.

فاطمة، ام يعقوب، كانت متفرغة لتربية أطفالها في جسر الشغور في ريف إدلب وزوجها  محمد يعمل شريكاً في أحد مغاسل السيارات في المدينة.  جار الزمان عليها لتقطن في احد المناطق المعدومة تماماً في لبنان في غرفة كما وصفتها صغيرة ويأكلها العفن والرطوبة
وتدفع مئتا ألف ليرة لبنانية شهرياً في هذه الغرفة الصغيرة غير الصالحة للحياة .

تؤكد ام يعقوب على أن المارة السوريين هم اكثر من يتعاطف معها. ولدى سؤالها  عن سبب التعاطف قالت:  “السوريون وحدهم من يشعر بالمصيبة وحجمها وإلى اين ستأخذنا وما هو حالنا نحن كسوريين “.

تقول فاطمة بانها كانت تعيش حياة أفضل بكثير مع زوجها وأطفالها الثلاثة، وأن يعقوب كان على وشك دخول المدرسة ليبدأ مسيرة التعلم.

سألتُها عن سبب خروجها من سوريا، فقالت انها ” خرجت من منزل مدمر بما فيه، ودارت شوارع بيروت بحثاٌ عن العمل، إلا انها لم تجد أي عمل يحميها ويحمي أولادها من نظرات المارة كل يوم.

لم تجرؤ فاطمة على الذهاب الى مفوضية الأمم المتحدة والتسجيل كلاجئة، خوفا من المساءلة في حال أرادت العودة الى سوريا للبحث عن زوجها  المفقود.

هي ام يعقوب المتسولة في شارع الحمرا البيروتي.

وعلى بعد حوالي المئة متر ، تجلس ام مازن، بنت المعضمية مع أولادها أيضاً.
أم مازن أم لأربعة أطفال، يحتاجون الى كل مستلزمات الحياة. أعمارهم صغيرة جداً:

 مازن في الثامنة من عمره و أمينة في السابعة من العمر و أماني في الخامسة من العمر.

 تسكن أم مازن في أحد الأحياء المُعدمة في لبنان.  خرجت من سوريا بسبب الوضع السيء جداً.خرجت من بين القناصين وقذائف الهاون، وفُقد زوجها في طريقة إلى أحد فروع الشرطة العسكرية ليسلم نفسه إليها لأنه متخلف عن الأحتياط.

لا تعلم أمل، ” ام مازن “، إن كان زوجها على قيد الحياة. مختطفاً أم معتقلاً.

 لم تسجل هي وأبناؤها في مفوضية الأمم المتحدة وذلك، كما ام يعقوب، خوفاً  من ألا يسمحوا لها بالعودة الى سوريا بحثاً عن زوجها المفقود.

أمل  كانت تعمل في المنازل، طباخة في بيوت الأغنياء. وزوجها المفقود كان موظفاً في البلدية في المعضمية

فاطمة، ام يعقوب، ام لثلاثة أطفال.. و امل ام مازن ايضاً ام لأربعة أطفال يتسولون في شوارع بيروت بحثا  عن الكفاية في الطعام والشراب والمسكن.
هذا هو حال بعض النساء السوريات … هذا هو حالنا الاجتماعي اليوم، في بلاد الجوار بين عامل وعاملة ومتسول ومتسولة.
هاتان الحالات هما اكثر الحالات جدية وصدقاً من بين كل الحالات التي رأيناها في شارع الحمرا  في بيروت…

 خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »